التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مجلة آفاق الأدب ____ مأوى في مهب الريح ____ الشاعر إبراهيم العمر

مأوى في مهب الريح
بقلم الشاعر إبراهيم العمر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أنا لا أفهم كل تلك التأشيرات على صفحات جواز السفر . 
أنا لا أتمّكن من التقوقع في شرنقة الجنسية ،  
هذا المصطلح المادي الذي يصنّف أبناء البشر .    
وتتوّزع بموجبه كل معطيات الأرض ،  
وكل المناصب والكفاءات والصلاحيات ،    
لقد أصبح كل إنسان رهن بالرحم الذي يتمخّض فيه ، 
وكل بائس في الحياة ضحية البطن الذي حمله . 
بؤس الإنسان في عصر التمدن ليس من صنع يديه !  
البشرية اليوم تكرّس هذا التكرار الدائم ،  
وتتحاذق في رسم الشعائر والرايات ، 
وتزيد معالم الوضوح في الخطوط والإطارات ،    
وتغرس في النفوس الوهن والرضى والقناعات ، 
فالبائس يلد بائسا حتى يضمن للبؤس الاستمرارية ، 
ويضمن للجنسيات المحظوظة الاستبداد والرفاهية . 
الأسئلة عن مفاهيم السعادة لا تحمل نفس الإجابات . 
مفاهيم المصنف بالجنسية السعيدة عن الحرمان والقهر ،   
قد لا تصل إليها أحلام البائس في ليلة يكتمل فيها القمر .  
المتسلق من البائسين على جدران الحرية ،   
عليه أن يسعى إلى استبدال أوراقه الثبوتية .  
الجنسية أضحت بداية المشوار وبوابة العبور ،   
باقي الطرقات تقودك إلى دوامة وجهد مهدور .  
ليس هناك طرقات مختصرة وطرقات طويلة ،   
ليس هناك مكان للفلسفة والأخلاق والقيم .  
هناك درب واحد وجنسيات محدودة .  
يمكنك أن تسلك كل الطرقات، 
وتسعى في كافة الاتجاهات ؛  
سيضيع العمر منك وتواجه نهايات مسدودة . 
إذا لم تكن عبدا للرب ستصبح الدنيا معبودة .  
من يرضى بمبدأ البيع والمقايضة ،  
من الممكن أن يتخلى عن كل شيء ويختصر المشوار .  
إذا هانت الأخلاق على امرئ يسهل عليه الوصول ؛   
لكنه لن يستعد أبدا بعدها ملكية القرار .  
إذا سمح لنفسه أن يتزحلق لمرة ، سيموت إحساسه ويتزحلق باستمرار . 
إذا مات الضمير ؛ كل المشاريع تلقى القبول .    
من يمثل للشيطان مرة يسهل عليه المثول . 
من لم تعمر قلبه مخافة الله يعش العمر وحيدا ؛   
لن يجد له ملاذا في قلوب البشر .  
من لم تعمر روحه حرارة الإيمان ؛ يحمل حكما ورؤى كأحمال البعير . سيأكله الذنب ويخلد في السعير .  
من لا يرض بقسمة الإله يستعبده دولار .  
من لا يسعده القليل لن يسعده القنطار . 
من يسلك درب الهاوية تظلم له باقي الدروب . 
من لم يعمل لغده يغادر الدنيا خالي الجيوب . 
من يمشي في الأوحال ويحيي في الظلام ؛ 
لن ينتهِ به الترحال ويبقى أبدا في الأوهام . 
من لم يعشق جمال الروح لن تعكس مرآته الجمال . 
من لم يتلمّس الجمال بعقله لن يرَ بعينيه الكمال . 
من لم يصنع سعادته بيديه لن يُسعَد بالإلهام . 
من لم يشعر بألم الغير لن تصقل روحه الآلام . 
يموت الجشع من التخمة وعينه على اللقمة في فم الفقير . 
لا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب .  
قدم في القبر وقدم تسير .  
يد تحفر في الثرى ويد تعدّ النقود .  
جسد يبني في الهواء وروح تغادر الوجود .  
مشاعر وأحاسيس تهاجر عن شواطئ الوجدان ،   
وتبحر في اليأس نحو الأمل غير المنظور ، 
وتعوم في الحس نحو العمق غير المحسوس .    
تنسلخ من جلدها وتبحث عن الدفء في جسد ممسوس ،  
تبحث عن مأوى في مهب الريح ،   
من غير أبواب ومن غير شبابيك . 
تبحث عن فك مفترس جائع بأنياب غير مرئية . 
تبحث عن السعادة ، تبحث عن الرفاهية ؛  
في جسد من غير روح ومن دون جروح ومن دون هوية .  
تبحث عن قضايا خلف شمس منسيّة . 
تبحث عن فتاوى لمسائل غير فقهية ، 
تبحث عن معجبين ببرامج هزلية .
ــــــــــــــــــــــــــــ
إبراهيم العمر.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مجلة آفاق الأدب / بائع الجرائد / الشاعرة شذى البراك

الشاعرة شذى البراك  بائع الجرائد بين الحرب والسلام.. أحمل خطاي المتثاقلة.. أتأبط شره الكوارث.. ودموع الثكالى.. وأبراج الأحلام الوهمية.. في صحفي.. جراح كنصال في خاصرة الزمن.. حيث وطني المعلق بسارية من دماء.. ورياح التطرف غراس اشتهاء يبيع الانتماء في أسواق النخاسة.. وفي سطوري بات إيقاع الحياة سريعا.. يموج بواقع مضطرب..  مهووس  فلم تعد للسلام أجنحة يحلق بها.. وصار يشكو هويته الضائعة.. والفوضى أعتى من أسلحة الدمار الشامل.. والقلوب تقتل بنيران صديقة..

من أنت أبها الطير / الشاعر غازي القاسم

 وقالت :- مِن أينَ أنتَ أيّها الطير ؟  وقلت :- أنا طيرٌ مِن بِلادِ السَلامِ  وَلَمْ يزُرْهَا السَلامُ بَعدْ  أنا مِن تَحت ظِلالِ أشْجارٍ  تَحْتَها تَفَيأَ الأنْبياءُ  لَم تُمْطرٰ السَماءُ هُناكَ بَعد  أنا مِن بِلادٍ تَكْتُبُ التَاريخَ بِالدَّمِ  فيها مات المُسْتحيلُ  تُلوَ المُستحيلِ  أنا مِن بِلادٍ يُحَارِبونَ كَيّ  يَنْتَصِرَ الجُرْحُ عَلَى السِكينِ  أُغْنيتي شَهقَةُ شَهيدٍ  لا ينتسبُ لِلمَوْتِ  يَرْسُمُ في السَماءِ سَحَابَةَ مَطَرٍ  تنبتُ قَمْحَ حَياةْ  أنا طيرٌ أبَدِّيُ التَحليقِ  صُعوداً مِن هَاوِيَةٍ إلى هاَوِيَة  أنا طَيْرٌ لَهُ تَرانِيمٌ  مِن وَقْعِ خُطى الغُزاةِ  وَصَرْخَةِ الخَطَايا  أنا أُغْنِيةُ طـفْلٍ يَرْفَعُ شَارَةَ نَصْرٍ  وَعَلَماً وَحَجَراً  وأنا لَوْعةُ الأُمِ تَشمُ قَميصَ شَهيدِها  وَلَوْعَةُ طِفْلَةٍ تَيَتَّمت عَلَى بَابِ العِيدِ  أنا تَغْريدَةُ  مَوتِ الموتِ في الموتِ  شَهْقةَ حَياةْ  غازي القاسم

مجلة آفاق الأدب _____ على صراط البينات _____ الشاعر شاه ميران

على صراط البينات  رقعت ثياب نعاسي  بخيوط يديكِ  كنت رثاً  مثل وصايا العجائز  اتغير بأستمرار  قايضت جبيناً بشمس الظهيرة  ظننت بأنني خسرت الاف اميال الدفء  و قمح ما بين عقد الحاجبين  مر قبالة فمي  من غير وداع حاصد  حلمت بالجوع كثيراً  حتى اخذتني رياح شعر مسترسل  الى قارات لم تكتشف  انتِ ، بردية ندى متحولة عطراً يتعطر بدجاه ترغمين الكون كسلاً في رأسي  ثم تبعثرين الأوراق قبل ملئها  مس عنقي اشباح اظافرك المبتذلة  و انا مزدحم بآواصر اللاوعي  فعمري الآن  لا يتعدى رقصة تحت المطر  و طفلة خيال تتأرجح  في باحة اشعاري الخلفية  كيف تحتملين خرائب صدري  و معارك الشخير المنهزم  من ميادين الرئة  لست ساكناً حراً  بل على تماس مع  تفعيلات مبسمكِ الضوئي  كرحلة الأنجم  هيت لكِ طوداً  سيغفوا فوق حقول القطن  تاركاً رموز قصيدة مختمرة  حتى يستفيق  قديم انا  مثل غبار يغطي سطح كتب الشعوذة  ساذج الرد  كصخرة جليدية  تهمل العوالق قضيتي...