التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مجلة آفاق الأدب ____ تعاقب الأجيال ____ الشاعر د. جميل أحمد الشريقي

تعاقب الأجيال 
====================
قال تعالى: ((اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ )) الروم (54)
_________________________
====================
على درب تزاحم بالبيان 
تلاقت كل ألوان الزمان 
حفيدٌ ممسك برباط أم 
وجد ينحني للخيزران 
وكل يحمل الإحساس شكلاً
تفرَّد بالتناغم في المعاني 
فيا سبحان من جعل البرايا 
تنقَّلُ في زمانات المكان !
يهش الجد مسروراً لرؤيا 
حفيد ذاق أصناف الحنان 
ويسرع والعصا كالناس نشوى 
تدب بقربها نحو احتضان 
حناه الدهر فاستلقى عليها 
بكاهله وتمتم بامتنان
خطاه بطيئة والقلب يدنو 
كمثل البرق في شوق الثواني 
تبسَّم شدقه للقاء طفل 
وهش وبش في سعة المغاني 
وغاب العمر كهلاً في شباب 
تراءى بسمةً في عين حان  
لقد لمحت عيون الشيب زهراً
تبدى في الطفولة كالجنان 
وفي بسماتِ فلذته كأمٍ
رأت في والدٍ كلَّ الأمان 

 
تغنى الشيخ في لقيا صغير 
و هاج الطفل سعداً مثل بان 
وأم الطفل يسعدها أبوها 
كما سعدت بطفل كالجمان 
رسوم السعد ترتع في وجوه 
وخفق القلب ينبض كالكمان 
تعاقبت السنون وكل جيل 
له فكر الجواشن والسنان 

يقول الطفل: ما أغلاك جدي !
وما أحلى وجودك في زماني!
وما أدفا يديك إذا حبتني 
بتسليم المحب على الغواني!
وما أرقى لقاءك يا مثالي!
إذا مازحتَ كفي بالبَنان 
أراني في عيونكَ زهرَ أمي
و أمي في فؤادكَ ترجماني 
أهيم بقربها وتهيمُ فينا 
أب يحنو و طفل ذو لبان 
و من هذين أختطف الهدايا 
فما أحلاهما في كل آنِ !

ويخفق قلب والدة لجدٍّ
حباها من رعايته الأماني 
رأته مثالها أحلى مثالٍ
يجود وليس بالشخص الأناني 
تُسرُّ به ومنه وحين يأتي 
وحين يجود في نصح وشان 
وطبع البنت في رؤيا أبيها 
ميول المعجبات لذي معان 
هي الجيل الوسيط وفي شباب 
توسط بين درَّاجٍ وعانِ
تأست بالكبير على اقتداء 
وأسَّستِ الصغير على ائتمان 
توارثت الفضائلَ من أبيها 
وتسعى كي تورثها لدانِ
قرأت سرورها أدباً تبدَّى 
ببسمتها ولون الأرجوانِ

وأما الجد فالجيل المفدى 
بل الجبل القوي على تفانِ
يقدِّم حكمةً ووميضَ روحٍ
وحباً فاقَ أشواقَ الرواني 
تفانى في العطاء بغير منٍّ
وما يشكو انحناءً في كيان 
يعيش الخلد في الدنيا عطاءً
ويعلم أنَّ ذيل الدهر فانِ
ولا يزهو ولا يختال عجباً
تواضع فاعتلى قمم الهتان 

نعم تتعاقب الأجيالُ فينا 
ضعيفٌ شبَّ شابَ على افتتان 
فمن ضعف الصغير إلى شباب 
إلى هرمٍ تداعى في استنان
وكل يمنح الآتي لواءً
ليحمله إلى الأجيال ثاني 
وفي كل نرى خيراً عميماً
إذا صدقوا بما تجني يدانِ

من الأرض العظيمة قد نشأنا 
ضعافاً كالصغير ضميرَ قانِ
ومن بعدٍ كبرنا واستوينا 
كمالاً في جمال الزبرقانِ
وأغرتنا الشبيبةُ في حلاها 
فعارضنا الحياةَ على دنان 
وأغرتنا السواعدُ في استداد 
فحاربنا القواصيَ والدواني 
ولم نرحم صغيراً من أذانا 
ولم يسلم كبيرٌ من جبان 
تقاوينا بقوة ذي شباب 
على كهل فصرنا في هوان 
وجاء الشيب ينذرنا بضعف 
فكذبنا اغتراراً باللسان 
فعاد الضعف ينبؤنا بموت 
قريبٍ صاغ نعياً للقيان 
فلا الجسم القوي له اتزان 
ولا العقل الحصيف على اتزان 
ورافقنا عكاز في مسير 
و حزن واستناد للمباني 
وكنا كالبداية في انتهاء 
وكنا كالنهاية في التواني 
أتينا من تراب وانتهينا 
جميعاً للتراب ككل فاني 

هي الأجيال والباقي سراب 
به تنهى الحياة بما تعاني 
====================
بقلمي 
د.جميل أحمد شريقي 
( تيسير البسيطة )
    سورية

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مجلة آفاق الأدب / بائع الجرائد / الشاعرة شذى البراك

الشاعرة شذى البراك  بائع الجرائد بين الحرب والسلام.. أحمل خطاي المتثاقلة.. أتأبط شره الكوارث.. ودموع الثكالى.. وأبراج الأحلام الوهمية.. في صحفي.. جراح كنصال في خاصرة الزمن.. حيث وطني المعلق بسارية من دماء.. ورياح التطرف غراس اشتهاء يبيع الانتماء في أسواق النخاسة.. وفي سطوري بات إيقاع الحياة سريعا.. يموج بواقع مضطرب..  مهووس  فلم تعد للسلام أجنحة يحلق بها.. وصار يشكو هويته الضائعة.. والفوضى أعتى من أسلحة الدمار الشامل.. والقلوب تقتل بنيران صديقة..

من أنت أبها الطير / الشاعر غازي القاسم

 وقالت :- مِن أينَ أنتَ أيّها الطير ؟  وقلت :- أنا طيرٌ مِن بِلادِ السَلامِ  وَلَمْ يزُرْهَا السَلامُ بَعدْ  أنا مِن تَحت ظِلالِ أشْجارٍ  تَحْتَها تَفَيأَ الأنْبياءُ  لَم تُمْطرٰ السَماءُ هُناكَ بَعد  أنا مِن بِلادٍ تَكْتُبُ التَاريخَ بِالدَّمِ  فيها مات المُسْتحيلُ  تُلوَ المُستحيلِ  أنا مِن بِلادٍ يُحَارِبونَ كَيّ  يَنْتَصِرَ الجُرْحُ عَلَى السِكينِ  أُغْنيتي شَهقَةُ شَهيدٍ  لا ينتسبُ لِلمَوْتِ  يَرْسُمُ في السَماءِ سَحَابَةَ مَطَرٍ  تنبتُ قَمْحَ حَياةْ  أنا طيرٌ أبَدِّيُ التَحليقِ  صُعوداً مِن هَاوِيَةٍ إلى هاَوِيَة  أنا طَيْرٌ لَهُ تَرانِيمٌ  مِن وَقْعِ خُطى الغُزاةِ  وَصَرْخَةِ الخَطَايا  أنا أُغْنِيةُ طـفْلٍ يَرْفَعُ شَارَةَ نَصْرٍ  وَعَلَماً وَحَجَراً  وأنا لَوْعةُ الأُمِ تَشمُ قَميصَ شَهيدِها  وَلَوْعَةُ طِفْلَةٍ تَيَتَّمت عَلَى بَابِ العِيدِ  أنا تَغْريدَةُ  مَوتِ الموتِ في الموتِ  شَهْقةَ حَياةْ  غازي القاسم

مجلة آفاق الأدب _____ على صراط البينات _____ الشاعر شاه ميران

على صراط البينات  رقعت ثياب نعاسي  بخيوط يديكِ  كنت رثاً  مثل وصايا العجائز  اتغير بأستمرار  قايضت جبيناً بشمس الظهيرة  ظننت بأنني خسرت الاف اميال الدفء  و قمح ما بين عقد الحاجبين  مر قبالة فمي  من غير وداع حاصد  حلمت بالجوع كثيراً  حتى اخذتني رياح شعر مسترسل  الى قارات لم تكتشف  انتِ ، بردية ندى متحولة عطراً يتعطر بدجاه ترغمين الكون كسلاً في رأسي  ثم تبعثرين الأوراق قبل ملئها  مس عنقي اشباح اظافرك المبتذلة  و انا مزدحم بآواصر اللاوعي  فعمري الآن  لا يتعدى رقصة تحت المطر  و طفلة خيال تتأرجح  في باحة اشعاري الخلفية  كيف تحتملين خرائب صدري  و معارك الشخير المنهزم  من ميادين الرئة  لست ساكناً حراً  بل على تماس مع  تفعيلات مبسمكِ الضوئي  كرحلة الأنجم  هيت لكِ طوداً  سيغفوا فوق حقول القطن  تاركاً رموز قصيدة مختمرة  حتى يستفيق  قديم انا  مثل غبار يغطي سطح كتب الشعوذة  ساذج الرد  كصخرة جليدية  تهمل العوالق قضيتي...