تعاقب الأجيال
====================
قال تعالى: ((اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ )) الروم (54)
_________________________
====================
على درب تزاحم بالبيان
تلاقت كل ألوان الزمان
حفيدٌ ممسك برباط أم
وجد ينحني للخيزران
وكل يحمل الإحساس شكلاً
تفرَّد بالتناغم في المعاني
فيا سبحان من جعل البرايا
تنقَّلُ في زمانات المكان !
يهش الجد مسروراً لرؤيا
حفيد ذاق أصناف الحنان
ويسرع والعصا كالناس نشوى
تدب بقربها نحو احتضان
حناه الدهر فاستلقى عليها
بكاهله وتمتم بامتنان
خطاه بطيئة والقلب يدنو
كمثل البرق في شوق الثواني
تبسَّم شدقه للقاء طفل
وهش وبش في سعة المغاني
وغاب العمر كهلاً في شباب
تراءى بسمةً في عين حان
لقد لمحت عيون الشيب زهراً
تبدى في الطفولة كالجنان
وفي بسماتِ فلذته كأمٍ
رأت في والدٍ كلَّ الأمان
تغنى الشيخ في لقيا صغير
و هاج الطفل سعداً مثل بان
وأم الطفل يسعدها أبوها
كما سعدت بطفل كالجمان
رسوم السعد ترتع في وجوه
وخفق القلب ينبض كالكمان
تعاقبت السنون وكل جيل
له فكر الجواشن والسنان
يقول الطفل: ما أغلاك جدي !
وما أحلى وجودك في زماني!
وما أدفا يديك إذا حبتني
بتسليم المحب على الغواني!
وما أرقى لقاءك يا مثالي!
إذا مازحتَ كفي بالبَنان
أراني في عيونكَ زهرَ أمي
و أمي في فؤادكَ ترجماني
أهيم بقربها وتهيمُ فينا
أب يحنو و طفل ذو لبان
و من هذين أختطف الهدايا
فما أحلاهما في كل آنِ !
ويخفق قلب والدة لجدٍّ
حباها من رعايته الأماني
رأته مثالها أحلى مثالٍ
يجود وليس بالشخص الأناني
تُسرُّ به ومنه وحين يأتي
وحين يجود في نصح وشان
وطبع البنت في رؤيا أبيها
ميول المعجبات لذي معان
هي الجيل الوسيط وفي شباب
توسط بين درَّاجٍ وعانِ
تأست بالكبير على اقتداء
وأسَّستِ الصغير على ائتمان
توارثت الفضائلَ من أبيها
وتسعى كي تورثها لدانِ
قرأت سرورها أدباً تبدَّى
ببسمتها ولون الأرجوانِ
وأما الجد فالجيل المفدى
بل الجبل القوي على تفانِ
يقدِّم حكمةً ووميضَ روحٍ
وحباً فاقَ أشواقَ الرواني
تفانى في العطاء بغير منٍّ
وما يشكو انحناءً في كيان
يعيش الخلد في الدنيا عطاءً
ويعلم أنَّ ذيل الدهر فانِ
ولا يزهو ولا يختال عجباً
تواضع فاعتلى قمم الهتان
نعم تتعاقب الأجيالُ فينا
ضعيفٌ شبَّ شابَ على افتتان
فمن ضعف الصغير إلى شباب
إلى هرمٍ تداعى في استنان
وكل يمنح الآتي لواءً
ليحمله إلى الأجيال ثاني
وفي كل نرى خيراً عميماً
إذا صدقوا بما تجني يدانِ
من الأرض العظيمة قد نشأنا
ضعافاً كالصغير ضميرَ قانِ
ومن بعدٍ كبرنا واستوينا
كمالاً في جمال الزبرقانِ
وأغرتنا الشبيبةُ في حلاها
فعارضنا الحياةَ على دنان
وأغرتنا السواعدُ في استداد
فحاربنا القواصيَ والدواني
ولم نرحم صغيراً من أذانا
ولم يسلم كبيرٌ من جبان
تقاوينا بقوة ذي شباب
على كهل فصرنا في هوان
وجاء الشيب ينذرنا بضعف
فكذبنا اغتراراً باللسان
فعاد الضعف ينبؤنا بموت
قريبٍ صاغ نعياً للقيان
فلا الجسم القوي له اتزان
ولا العقل الحصيف على اتزان
ورافقنا عكاز في مسير
و حزن واستناد للمباني
وكنا كالبداية في انتهاء
وكنا كالنهاية في التواني
أتينا من تراب وانتهينا
جميعاً للتراب ككل فاني
هي الأجيال والباقي سراب
به تنهى الحياة بما تعاني
====================
بقلمي
د.جميل أحمد شريقي
( تيسير البسيطة )
سورية
====================
قال تعالى: ((اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ )) الروم (54)
_________________________
====================
على درب تزاحم بالبيان
تلاقت كل ألوان الزمان
حفيدٌ ممسك برباط أم
وجد ينحني للخيزران
وكل يحمل الإحساس شكلاً
تفرَّد بالتناغم في المعاني
فيا سبحان من جعل البرايا
تنقَّلُ في زمانات المكان !
يهش الجد مسروراً لرؤيا
حفيد ذاق أصناف الحنان
ويسرع والعصا كالناس نشوى
تدب بقربها نحو احتضان
حناه الدهر فاستلقى عليها
بكاهله وتمتم بامتنان
خطاه بطيئة والقلب يدنو
كمثل البرق في شوق الثواني
تبسَّم شدقه للقاء طفل
وهش وبش في سعة المغاني
وغاب العمر كهلاً في شباب
تراءى بسمةً في عين حان
لقد لمحت عيون الشيب زهراً
تبدى في الطفولة كالجنان
وفي بسماتِ فلذته كأمٍ
رأت في والدٍ كلَّ الأمان
تغنى الشيخ في لقيا صغير
و هاج الطفل سعداً مثل بان
وأم الطفل يسعدها أبوها
كما سعدت بطفل كالجمان
رسوم السعد ترتع في وجوه
وخفق القلب ينبض كالكمان
تعاقبت السنون وكل جيل
له فكر الجواشن والسنان
يقول الطفل: ما أغلاك جدي !
وما أحلى وجودك في زماني!
وما أدفا يديك إذا حبتني
بتسليم المحب على الغواني!
وما أرقى لقاءك يا مثالي!
إذا مازحتَ كفي بالبَنان
أراني في عيونكَ زهرَ أمي
و أمي في فؤادكَ ترجماني
أهيم بقربها وتهيمُ فينا
أب يحنو و طفل ذو لبان
و من هذين أختطف الهدايا
فما أحلاهما في كل آنِ !
ويخفق قلب والدة لجدٍّ
حباها من رعايته الأماني
رأته مثالها أحلى مثالٍ
يجود وليس بالشخص الأناني
تُسرُّ به ومنه وحين يأتي
وحين يجود في نصح وشان
وطبع البنت في رؤيا أبيها
ميول المعجبات لذي معان
هي الجيل الوسيط وفي شباب
توسط بين درَّاجٍ وعانِ
تأست بالكبير على اقتداء
وأسَّستِ الصغير على ائتمان
توارثت الفضائلَ من أبيها
وتسعى كي تورثها لدانِ
قرأت سرورها أدباً تبدَّى
ببسمتها ولون الأرجوانِ
وأما الجد فالجيل المفدى
بل الجبل القوي على تفانِ
يقدِّم حكمةً ووميضَ روحٍ
وحباً فاقَ أشواقَ الرواني
تفانى في العطاء بغير منٍّ
وما يشكو انحناءً في كيان
يعيش الخلد في الدنيا عطاءً
ويعلم أنَّ ذيل الدهر فانِ
ولا يزهو ولا يختال عجباً
تواضع فاعتلى قمم الهتان
نعم تتعاقب الأجيالُ فينا
ضعيفٌ شبَّ شابَ على افتتان
فمن ضعف الصغير إلى شباب
إلى هرمٍ تداعى في استنان
وكل يمنح الآتي لواءً
ليحمله إلى الأجيال ثاني
وفي كل نرى خيراً عميماً
إذا صدقوا بما تجني يدانِ
من الأرض العظيمة قد نشأنا
ضعافاً كالصغير ضميرَ قانِ
ومن بعدٍ كبرنا واستوينا
كمالاً في جمال الزبرقانِ
وأغرتنا الشبيبةُ في حلاها
فعارضنا الحياةَ على دنان
وأغرتنا السواعدُ في استداد
فحاربنا القواصيَ والدواني
ولم نرحم صغيراً من أذانا
ولم يسلم كبيرٌ من جبان
تقاوينا بقوة ذي شباب
على كهل فصرنا في هوان
وجاء الشيب ينذرنا بضعف
فكذبنا اغتراراً باللسان
فعاد الضعف ينبؤنا بموت
قريبٍ صاغ نعياً للقيان
فلا الجسم القوي له اتزان
ولا العقل الحصيف على اتزان
ورافقنا عكاز في مسير
و حزن واستناد للمباني
وكنا كالبداية في انتهاء
وكنا كالنهاية في التواني
أتينا من تراب وانتهينا
جميعاً للتراب ككل فاني
هي الأجيال والباقي سراب
به تنهى الحياة بما تعاني
====================
بقلمي
د.جميل أحمد شريقي
( تيسير البسيطة )
سورية
تعليقات
إرسال تعليق