" سِـُفْرُ الطُّـهْرِ ..!! " ..د. مُهَنْدِس/ إِيَادُ الصَّاوِي .
*****************************
لَا سُقْيَا اليَومَ لَكَ عِندِي أيُّهَا القَلَمُ ..؟!
نَمْ شَاهِرًا سِنَّكَ عَلَى صِراطِ الخُفُوقِ ..
وَرَابِطْ على مَسافَاتِ الحَنَايَا فَلَا ظِلَّ في اللَّيْلِ بِلَا قَمرٍ ..!!
تَغرَقُ الشَّمسُ في بَحرِ بُرتِقَالِهَا ..
وَتَشربُ السَّماءُ وَجهَ المَسَاءِ .. وٕتَسقُطُ الأَقنِعةُ ..!!
تَستَّرَ خَلفَ الحَرْفِ وَالحِسِّ ذِئبٌ ..؟!
وَانسَلَّ مِنْ مَغَاوِيرِه .. يَزْحَفُ فِي صَمْتٍ ..!
يَتَفَرُّسُ ضَحَايَاهُ ..!
سُرعَانَ مَا تَفضَحُهُ شَمْسُ الحَقِيقَةِ .. !!
لَمْ يَجُد مِن وَرَقِ الطُّهْرِ مَا يَخصِفُ بِهِ عَليهِ ..!!
لِيُوارِي سَوأَتَهُ ..!!
قَدَّ الكَلِمَةَ مِن قَمِيصِ الحُبِّ لَكنَّها غَير سَابِغَةٍ ..!!
مَرضٌ خَبِيءٌ لَا يَبْدُو إِلَّا إِنْ حَانَ طَمَعَهُ .!!.
كَانتِ الحُروف نَقِيَّة .. وَالأَبجَدِيَّةُ عَذرَاء .. حَتَّى جِئْتَ ..!!
لَا تُرهِفِ السَّمْعَ لِقَرْعِ الشَّهَقَاتِ المُتَزَاحِمَةِ فِي طَابُورِ الأَوْجَاعِ ..!!
وَاحذَر تَنَاهِيد الأيَّامِ فِي سَمعِكَ .. فَرَجْعُهَا مُزْمِنٌ لَوْ طَالَ بِكَ الإِصغَاءُ ..!
بَدِّد غُيُومَ أَيَّامِكَ .. وَاصرِفْهَا إِلَى الأَوْرَاقِ .. لَعَلَّ تَجَاعِيدَهَا تَرتَخِي تَحتَ مُنَاجَاةِ المَحَابِر ..!!
مَا بَالُ المَسافَات تَطُولُ بِلا اعتِراضٍ تَحتَ نَيِّرِ اللَّيلِ دُونَ قَلَقٍ ..؟!
كَمْ هِيَ بَعِيدةٌ المَسَافاتُ المُحَرَّرةُ مِن مَجازِرِ الظَلامِ ..؟!
عَاليةٌ أسْوارُ حُصُونُها والرُّعْبُ المَزروعُ فِي الطُّرقَاتِ تُفجِّرُهُ قَهْقَهَاتُ المُخَنَّثِينَ ..!!
بِمَاذَا يَجِبُ أَن أَصرُخَ أيُّتُها العَتَمة ..!؟
بِمِلْءِ خَوْفِي .. أَمْ عَجْزِي .. أَمْ صَمتِي ..؟!
حَتَّى فِي هَذا خَانَنِي الحَذرُ ..
وَأُطْبِقُ عَلى بَناتِ الشَّفاهِ لِتُوأَدَ الأَصوَاتُ .. وَيُغْمِضُ عَليهَا اللّيلُ جُفُونَهُ إلى حِينٍ ..!!
اِسْتِفَاقَةُ أُمْنِيَةٍ تَختَبِئُ بَينَ أَلسِنَةِ الشَّمسِ ..!!
يَا صَاحِ سِرْ مَعِي قَلِيلاً ..!!
لَا تَقِفْ فِي مِحرَابِ المُنَاجَاةِ تُهَزْهِزُ أَغْصَانَ الْحُرُوفِ كَي تُورِقَ لَمَسَاتهَا الْحَانِيَةِ أَسرَارَاً فِي حُقُولِهِم ..!!
وَحدَكَ تَجرَّعتَ صَوْتَ الظَلَامِ ..!
وَقَضَمْتَ الصَّمتَ ذَابِلًا مِن فَرطِ جُوعٍ ..!!
وَسرَّبْتَ قَهْقَهَاتِهِم فِي مَزامِيرِكَ شَائِعَاتِ اِنْتِصَارٍ ..!!
وَمَا زِلْتَ تُرَابِطُ عَلَى الذِّكرَى ..؟!
مَفْتُونًا بِنُدُوبٍ الاِنتِمَاءِ لِوَشْمٍ بَاهِتٍ ..!!
تُكَفِّنُ مَوتَاكَ بِالبَراقِعِ وتَحْسُو زُعَافَهَم من خُلَلِها
دَونَ سَأَمْ ..!!
مَصْلُوبَةُ قَامَتُكَ عَلى مَرَايَا الشَّاشَاتِ تَحصُدُ نَظَرَاتِ الخَائِنينَ ..!!
أيُّ قَلْبٍ هَذا أَنتَ ..؟؟!!
حَانَ لَكَ أَوَانُ السَّيْرِ وَحدَكَ عَلى ظِلِّكَ .. فَأْنَس بِهِ ..!!
لَا تَفهَمُني ؟! .. أَليسَ كَذلك ..؟!
وَلَن تَفْهَمَنِي ..!!!
سِرْ سِرْ .. أُبَيِّنُ لَكَ ..!!
" أَنتَ أَعْمَى وَأَنَا أَصَمُّ .. إِذًا ضَعْ يَدَكَ بِيَدِي فيُدْرِكُ أَحدُنَا الآخَر "
* هَل دَقَّ الحبُّ بَابَكَ ..؟!
* هَل غَسَلتَ عُيونَكَ بِالدَّمْعِ مِرارًا لِتَجعَلَ مَكَانَهُ طَاهِرًا أَبَداً ..؟!
* هَلْ غَمَستَ يَرَاعَكَ فِي وَرِيدِكَ وَكَتَبْتَ أُنشُودَةَ حَيَاتِكَ الأُولَىٰ ..؟!
* هَلْ جَرَّبتَ طَعمَ الْحَربِ فِي ضَميرِكَ وَاستَوَىٰ عِندَكَ طَعمَ النَّصرِ وَالخُسرَانِ ..؟!
بِاختِصَارٍ أَشدّ ..!
• هَلْ جَرَّبتَ طعمَ الموتِ وَنَذرتَ أَلَّا تَتُوبَ مِن العَذَابِ ..؟!
إِن لَمْ تَقْترِب فِي تَجارُبِكَ مِن كُلِّ مَا سَبق ..!!
فَأَدرِكْ نَفْسَكَ ..
وَتَحَقَّق مَا إِذَا كُنْتَ حَيًّا ..؟!
حَقّاً يَا صَاح ..
مِنَ العَبثِ بَقاءُ المَرءِ فِي الحَياةِ دُونَ حُبٍّ ..
فَالوُجودُ لَا يُثبِتُهُ التَّفكِيرُ وَحدَهُ .. بَل يَتدفَّقُ مِن جَدوَلِ الوُجدَانِ ..!!
ثُمَّ مَاذا .. وَأنتَ تَعيِبُ هَذا الحُبَّ .. وَالعيبُ أَنتَ !!
وَتَزْعُمُ أَنَّ أَجلَهُ قَصِيراً ..
وَأَنتَ تَتخذهُ لَهْوًا ..
تَهْفُو إِلَيْهِ عَلَى غَيْرِ حَذَرٍ ..
وَتُشْعِلُ فَتيلَهُ .. وَترقُصُ عَلى أَلسِنَةِ اللَّهَبِ ..!
وَتَلْعَنُ الاحتِرَاق ..!!
عَليكَ أَن تُدرِكَ ..
أَنَّ الحُبَّ لَيسَ مُجرَّدَ كَلِمَاتٍ .. وَلَا رَسَائِلَ . وَمَوَاعِيد .. أَو ضَحِكَاتٍ ..
بَل هُو الصِّدقُ وَالوَفاءُ وَالوَعدُ وَالتَّضحِيَات ..!!
إِذَا لَم تُدرِك أَنّ الحُبَّ هُو كُلُّ شَيءٍ ..
فَانْعَ نَفسكَ .. فَهُوَ لَا شَيء ..
وَإِن أَدرَكتَهُ فَلنْ تَمترِي فِي كُنْهِهِ ..
وَلَن تَرتَابَ فِي جَوْهَرِهِ الذِي يَنتَبِذُ الحُسْنَ المَبْذُول ..
وَيُجَانِبُ الخُلقَ المَرذُول ..!!
الحُبُّ يَا أَنتَ ..!
سَجيّةٌ دَائِمةُ التَدفّقِ ..
يَمتَلِئُ بِهَا الْوجدَان ..
تَنسَابُ سِرّا وَعَلنًا فِي جَدَاوِلِ الكَيانِ ..!!
وَتُفصِحُ عَنهَا النَّظرةُ وَالعَبرَةُ .. وَالإيِمَاءَةُ وَالْهَمْسة .. وَالمَقَالةُ وَالرِّسالةُ .. وَصنوفُ التَّعبيرِ ..!!
الْحُبُّ ..
خَلجَةٌ مِن نَظرةٍ .. أَو رَفّةٌ مِن جَفنٍ .. أَو خَاطِرٌ مِن حَرفٍ .!!. يُطوِّعُ النَّفسَ فيُركِبُهَا نَفساً أَحَبَّ إِليهَا مِنهَا ..!
وَيُرخِي لَهَا لِبَابَها ..!!
فَتَنالَ قِيادَها بِلا حَربٍ أَو ضَربٍ ..!
وَتنزِلَ بِهَا مَنازِلَ لَا تَرتَادُهَا ..
وَلَا يَعتادُهَا الكِبريَاء ..!
لَوْلَا مَراجِيلُ اللَّهَفِ الْمَوْقُودَةِ عَلى أَروَاحِ المُحِبِين ..!!
الحُبُّ ..
بِذرةُ اللهِ فِينَا ..
سَقَاها بِماءِ المَكرُمَاتِ .. وَمُراعَاةِ المُحرَّمَاتِ .. وَلَوَّثنَاهاَ بِالأَطماعِ وَالأَنَانِيةِ ..
وَحُبُّ الامتِلاكِ .. !!
الحُبُّ ..
رُوحانيةُ بَعِيدةٌ مُتحرِّرةٌ مِن مَنادِحِ الغَرَائِزِ ..!!
رَغمَ أَنَّهُ عُدوَان أَروَاح عَلى أَرواح .. وَاستئثار وَاحتِلال ..
لا يَنطفِئُ غَليلهُ إِلَّا بِأَوطَارِ الاشتِهَاءِ ..!!
لَكنَّهُ أَجملُ مَا يَصهَرُ النُّفوسَ لِيختَبِرَ مَعادِنِها ..!!
وَهُو مَناسِك جَليلَة تَتطهَّرُ ..
بِالمكَارِهِ مِن ضَعفِ الحِسِّ المَوبُوء بِأوْحَالِ الشَّهوةِ ..
وَأوضَارِ المُتَعِ ..!!
وَترتَقِي مَدارِجَ السُّمو نَحوَ ضَمائِر السَّماءِ ..
لِتَتحلَّلَ فِي البَهوتِ وَجمَالِ المَلكُوتِ ..!!
الحُبُّ ..
شَرَاكةُ أَروَاحٍ بِلَا أَسهُم ..!!
وَهُو سِرٌّ مِن أَسرَارِ القُوَى الخَارِقةِ لَا يَفهمُهُ إِلَّا سَائِسٌ اعتَادَ تَرويضَ الأَهوَاءِ فِي مَحطَاتِ الانتِظَارِ ..
ثُمَّ يُطلِقهَا أَسرَابًا تُحلِّقُ فِي المَدَىٰ ..!!
لَا يَراهَا إِلَّا مَن أَدمنَ النَّظرَ خَلفَ الصُّورِ ..
وَسَبحَ فِي مَاءِ التَّجلِّي بِلَا وَثنٍ يَعبدُهُ .. !!
وَكَتبَ بِحبرِ الخُلْدِ اسمَهُ ..
عَلَى رَقِيمِ العِفَّةِ .. وَسِفْرِ الطُّهرِ ..!!
تعليقات
إرسال تعليق