الكاتبة فوزية هادي
كتب منسية
كتب منسية
في كل ليلة أعود أدراجي إلي مقبرة الكتب المنسية ، أتنفس من رائحتها القديمة أفتش في ركامها عن ذكرى جميلة ،عن ملامح أبي عن نفسي .
يعانقني الحزن فأرسم من قطرات الدمع مزهرية ،اسقيها من لوعتي وصراخي ومن خدلان الأماني ، أزينها بخيوط العنكبوت .
أشرد قليلا لأسافر عبر الحلم أرى تلك الخيوط كخيوط ضوء المدينة ها أنا بين أزقتها أداعب الفراشات الجميلة ،أرقص بين بوابة البنايات أدق الاجراس وأهرب كانت تلك لعبة الطفولة أباشر المشي على عتبات المقاهي أسترق السمع هنا إداعة المدينة سنقدم لكم أغنية أم كلثوم أغني وأتسلطن مع الطرب وأرقص الى أن تنتهي أن كلتوم ، الآحق حمامة بيضاء كانت واقفة على قبعة كاتب مشهور تطير الحمامة وتحلق نحو السماء ،،
أسير على حافة الحديقة نحو النافورة أقطف بعض الأزهار
أمسكها من سيقانها الطويلة أهدي بعضها لبعض الزوار
أدخل يدي في جيب قميصي الأبيض ذو الأزرار البنية ،ابتسم هناك فرحة جديدة ، قطعة نقدية كانت مخبأة ليوم الميلاد .
أسحب خيط القميص المطرز بأناملي أمي الحنونة
أركض نحو الممرات الملتوية وكم كانت طويلة ...
كان على جدار كل ممر لافتة صدأة عليها أتار سهم يساعدك في الوصول الي وجهتي الأخيرة .....
يومها لم تكن السهام واضحة قد نحت فيها الزمن بعض
الخدوش والحفر وصارت ككتبي المنسية ، كان ذاك الممر زاخر الجدران مملوء بأسماء الشهداء وعليه أتار الشمعدان ، كنت أركض لأجد مفترق الطرقات او أجد لوحة عليها اسم الممر ....
كانت الممرات أشبه بالمتاهة كلما وجدت بابا حاولت الوصول إليه أغلقت في وجهي كل الأبواب ، كنت أشاهد بعض الأرواح تركض خلفي من خوفي كنت أغرق في الظلمات
ما أن أحاول أن اخرج منها حتى يمسك بمعصمي ستار الظل
الأسود فيعيدني الي مكاني ، لم أعد أرى لي نهاية مجرد سراب سرمدي وأنفاق تفوح منها رائحة الشهداء ، كان حلم كمشنقة الموت ، مددت يدي لأقطعه من على عنقي وأعود أدراجي ككل يوم الي مقبرة الكتب المنسية ، أقف جفلا في ظلمة غرفتي القديمة ...
أحضن نفسي وأقدم العزاء لها ، أغمض عيني أتظاهر بأنني أغفو ، أفتحها لأشرد مجددا أتصبب عرقا أنحني على وجهي
أغمغم في صمت أسأل نفسي .
لماذا لا توجد لي على رفوف الكتب المنسية ذكرى جميلة !؟
بقــلـــم فــــــوزيــــــة هــــــــادي
تعليقات
إرسال تعليق