ارحمْ اسيراً
نازعتُ فيكَ النفسَ دونَ درايةٍ
وسحرتُ فيكَ ولمْ أكنْ مسحورا
ونهلتُ منكَ مبادراً بثمالةٍ
ما عدتُ أصحو بعدها مخمورا
مطتُ الشغافَ وما وضعتُ موانعاً
قبلَ الولوجِ وكمْ نذرتُ نذورا
هاجتْ بيَ العبراتُ حتى أنني
ما كنتُ أنطقُ ما أريدُ جهورا
واهتزتِ الكلماتُ فيَّ تلعثما
فهمستُ شعرا كيْ أبوحَ شعورا
طالَ انتظاري والحياةُ قصيرةٌ
فصحبتُ بعدكَ عزةً ونفورا
وشغلتُ نفسي بالعتابِ لعلها
تسلو وتقبلُ مرةً تحذيرا
فرأيتُ منكَ تقرباً حارتْ بهِ
عينايَ فاخترتُ البكاءَ سفيرا
الشوقُ أرقني وهدَّ وسائلي
وازدادَ من وجدي وصرتُ أسيرا
سكنَ الهوى قلبي وهاجَ تجبرا
حتى تفجرتِ الهمومُ بحورا
لملمتُ أشلائي وسرتُ على الخطى
فازددتُ فيها وحشةً وثبورا
أسهدتَ عيني والدموعُ شواهدٌ
وسهرتُ ليلي شاكياً مقهورا
فُقدَ السبيلُ وما أرى منْ مخرجٍ
أسري إليهِ وأمتطيهِ مصيرا
ورضيتُ أنْ تطوى السنينَ تعلقاً
لأجولَ فيها مغرماً مسحورا
أبكي وأطفىءُ ما يشبُ بداخلي
فلربَّ دمع آزر المكدورا
ولربَّ معذرة تجبُ خطيئةً
كادتْ تهزُ جوارحاً وشعورا
يا شاغلي إنَّ الوجودَ تواصلٌ
وتظافرٌ جمعَ النقيضَ حضورا
إنْ كنتَ في قلبي فهلٓ يغفو الذي
نزلَ الضيوفُ بدارهِ تقديرا
صغرتْ بعيني كلُّ حادثةٍ وما
كانتْ أحاجي تقبلُ التبريرا
زلتْ بيَ القدمانِ واخترتُ الذي
ما كنتُ أدركُ بعدَهُ تفسيرا
فكَّ الوثاقَ فقدْ تعبتُ من الجوى
وعجزتُ أنْ أنجو فساءَ مصيرا
حتى غرقتُ بذنبِ دنيا والهوى
وبقيتُ فرداً حائراً محجورا
يا أيُّها الألقُ المشعُ بنورهِ
ما كنتُ أرغبُ حاجتي تأخيرا
يا أيُّها الأمدُ البعيدُ وقربُهُ
مني كقربِ الذاتِ صرتُ هجيرا
هلَّا سمحتَ فإنَّني لكَ ضاميءٌ
حدَّ اليقينِ وما عداكَ جديرا
غادرتُ لذاتٍ وجأتكَ صائماً
أرنو واطلبُ غايتي تيسيرا
روضتُ نفسي إذْ تعشقتُ الذي
فاقَ الوجودَ تحجباً وظهورا
ووجدتني أحبو بما قدرتَ لي
عمراً ورزقاً قدرتْ تقديرا
فقرأت منْ كلماتهِ ما أرتجي
لأعيشَ فيها باكياً مسرورا
وحجبتُ نفسي عنْ مغانمَ ساقها
دهرٌ واحداثٌ وعشتُ فقيرا
ضاقتْ وما يجلي الهمومَ تصبرٌ
إلاكَ فأعفو ساتراً محذورا
إنِّي دعوتكُ والدعاءُ وسيلتي
هلْ لي أنالُ بدعوتي تعزيرا
إنْ حلَّ في عمري الشقاءُ رضيتهُ
علِّي أطولَ بما أعاني أجورا
منْ لي سواكَ بغربتي وبظلمتي
وبحاجتي حتى أكونَ بصيرا
فلقدْ وضعتُ مطالبي دونَ الورى
وقصدتُ وجهكَ آثماً مهدورا
يا أكرم الكرماءِ يا منْ قدْ قضى
للقادمينَ تقرباً تقديرا
رحماكَ يا منْ لا يملُّ رجاؤهُ
ويقينُ ما نبغي يحلُّ نظيرا
إنْ شئتَ صفحاً فالنجاةُ نتيجتي
أوْ شئتَ حكماً أخسرُ التمريرا
إن الكريمَ إذا أتاهُ مخالفٌ
وضعَ الديونَ وزادهُ تيسيرا
وأنا دعوتكَ يا حبيبي نادماً
متصاغراً لا أملكُ التبريرا
فأصفحْ فحلمُكَ قدْ أعزَّ معانداً
وتفرعنَ الباغونَ فيكَ كثيرا
هيَ رحمةٌ فيها تسيرُ كواكبٌ
والكونُ فيها لايزالُ صغيرا
عفواً فمنْ يأتي الحياةَ مجادلاً
هجرتهُ اصحابٌ وماتَ حسيرا
بجهالةٍ خضتُ المنى وتجرأتْ
منِّي الذنوبُ ولمْ أعشْ مسرورا
رحماكَ يا منْ يقبلُ التوبَ إذا
جاءَ المغررُ نادماً مكسورا
ها قدْ وضعتُ ببابِ عفوكَ ازرها
فأرحمْ مسيئاً آثماً مقبورا
تعليقات
إرسال تعليق