الشاعر و الناقد هشام صيام
قراءة تأويلية تحليلية في نص فاصلة شجن
فاصلة الشجن
في زق التنهدات..
خبأت همس العتاب..
شيء ما في ذكريات
باهتة..
أشعل شرارة الشوق..
وشراغ الحزن..
كأفيون أدمنه صخب الحكاية..
أغلقت هالة قلبي من الاختراق..
كي تشفى مني..
والليل يكشف أوراقي كمتاهة..
تغزوني بفاصلة التصقت بمسافة تنادم السلوى ..
وأكسير السعادة..
يعزف على أوتار سيمفونية ناقصة..
كلما ألقيت لها شجوني ..
تقول هل من مزيد..
/ زق التنهدات /
صورة مغايرة للمتعارف عليه،
ولكنها تحمل لقطة شاهقة العروج الرؤيوي في إختيار المفردة ما بين حضورها المعجمي وبين تطويرها الدلالي في الصورة ،
فمفردة / زق / تعني جراب من الجلد يوضع به الماء أو الخمر كحضورية معجمية ومن تلك الاطلالة المعجمية نعود إلى حضورها كرؤية تصويرية خاصة بناسجة الحروف لنرى هذا التوافق البديع مع حاوي تلك النتهدات صاحبة الحضور الصوتي فهي تخرج من الرئة عبر اختلاج الأنفاس في لحظات التوتر أو السعادة أو تحت حلول اي مؤثر ذهني أو وجداني وعند خروجها كأنفاس تخرج من بئر الحنجرة الذي يحيطة الجيد صاحب الكثاء الجلدي ،
أيوجد دقة تحمل تلك التوافقية ما بين الحضور المعجمي للفظ والحضور التشريحي ،
من تلك اللقطة في العتبة الخاصة بالنص ننطلق ونحن نملك كنز كبير باحت به الحروف عبر هددتها نستطيع من خلاله التماس سبيلنا ونحن نسير في مروج الحبر ،
فنحن أمام حلولية تصويرية ماتعة المثول متنامية التصوير ما بين انزياح مستتر ولفظ " همس " ومفردة " التنهدات " ما بين الحلولية الصوتية التي تحمل حضورية خبرية تحملها مفردات الجملة الهامسة وبين الحروف المقيدة في معية التنهدات الخالية من التعبير الأبجدية التي تعتمد على التعبير التأثيري ،
في ضربة بديعة في اختيار حضور ناعم يجمع ما بين البوح الواضح والصمت المعالج بمؤثر يشي بما توارى خلف قناعه ،
ليلعب لفظ / خبأت / في حضوره في الزمان الماضي دور تأكيد تمام لحدوث الحدث ،
ونعود لهذا التنقل ما بين المجسدات في الصورة المركبة ،
لنرى كيف تحولت الأنفاس المختلجة من حضورها الهوائي الصوتي إلى تجسيد في ماهية تجسيد جمادي / زق / وتحوير ظاهرة صوتية تامة المعالم من حيث الصوت المضمون الرؤيوي المفهوم إلى مجسد مادي يتم وضعه في حاوي وبالتالي عبر التنامي التصويري يتحول المعنوي / عتاب / من حالة المشاعر الوجدانية إلى ذات الماهية المادية المجسدة ،
في مشهد تصويري حمل بكل ما تعنيه مفرداته من معنى حالة من الممانعة وغض الطرف الذي يصل حد التشرنق الذاتي وعدم الخوض في وصل وإن حمل نبرة العتاب ،
لنصل - عقب فواصل تتيح لتلك المشاعر المختبئة في زق التنهدات التقاط الانفاس - إلى محطات عروج الأشواق ومحفزاتها ..
/ شيء ما في ذكريات
باهته ..
أشعل شرارة الشوق /
في جملة تحضيرية تحمل مقدمات ونتيجة ،
ومسبب متواري في دفاتر حلول الذكريات ألا وهي بصمة جين الوصل العالق في أهداب وتريات السطور ،
في تحوير تصويري بديع تتحول به الذكريات من معنويتها إلى مجسد يحمل حلولية لونية / باهته/ في توافق ضمني مع ما وقر في وجداننا الجمعي من دفاتر مذكراتنا الورقية المكتوبة بالحبر والتي تصاب بالبهوت واصفرار الأوراق مع الوقت في إسقاط ظاهري على القدم يتوافق مع إسقاط ما خلف مرايا حبر الدفقة والتي تعني خفوت نضارة تلك الذكريات لهطول دكن التنائي وتنحي مدد الوصال ،
صورة مكثفة جدا ...
ليأتي استكمال الصورة وهو يحمل في رحمه المحفز المستتر صاحب حالة التأجج تلك / ذكريات الوصل/ في تحول دراماتيكي للمشهد تم تحوير معنوية تلك الذكريات إلى مؤنسن - يعي ما يفعل - يشعل نار التوق ،
مع تحوير بديع حول المعنوي - الشوق - إلى حالة من اللهب في إسقاط تام على التأجج ويكأنه الجمر فار تنور إشتعاله أمام أول هبة رياح من دفاتر حلول الماضي ،
في مشهدية تصويرية وارفة المثول الرؤيوي ،
ويأتي حرف / الواو / كفارس يوحد ما بين تلك الأرض وتلك فهو حرف عطف يفيد إشراك ما قبله وما بعدة في ذات الحكم الخاص بالرؤية ،
/ وشراع الحزن ..
كأفيون أدمنه صخب الحكاية .. /
لتختلط الصورة وتمتزج في كَفّ الشجن في توحيد تام للحالة الشعورية كوحدة عضوية واحدة للمشاهد من خلال صورة بديعة النشور على السطور من تنور دواة أحبار الشريان ليلج المعنوي - الحزن- محور من ماهية إلى التجسيد الجمادي - سفينة - لها شراع يسيرها في مشهد بديع جدا يتنامى فيه التصوير لتصبح تلك القصة/ الحكاية/ إلى مسطح من الماء تبحر به بطلة الحبر دون فنار هدى فهي سفينة تهذي بين الأمواج عبر تناصية مستتر وظاهرة الإدمان التي تحول من يتعاطى إلى مسير لا يستطيع العودة إلى نقطة البداية إلا بحفز خارجي - حقيقة طبية لا تقبل الشك - في إسقاط على معاقرتها الشجن وحالة من التذكر المستمر حد الإدمان ويكأن بطلة الحبر أستعذبت عذابات الذكريات ،
/ أغلقت هالة قلبي من الاختراق
كي تشفى مني .. /
بطلة الحبر في حالة من التشرنق التام على ما كان دون السماح بمرور ما يمكن أن يعيد الوصل ويؤجج جمر أشواق قلبها / هالة قلبي / من حمى الاشتعال التي اوقد اشواقها عبر التذكر في حوار ذاتي يفصل بين مراكز التذكر في المخ وبين القلب - موروث وجداني جمعي منح الفلب تلك الصفة رغم انه مجرد عضلة تضخ الدم لا علاقة لها بالمشاعر " حقيقة علمية ثابتة " - في إختلاق لحوار مستتر مع تشخيص القلب وتحوير الذات الخاصة ببطلة الحبر لعارض مرضي - الهوى المشجن - في تنقل سلس يحمل نبرة الهدوء ما بين المجسد والمعنوي صاحب الأثر ،
ولتضع لمحة من القداسة تدشن مشهد تستكمل تجسيد القلب - وهو جزء من الكل- لتحوله لجسد كامل تحيط هامته هالة نورانية / أغلقت هالة قلبي / لتصبح سياج نوراني يمنع مرور/ من الاختراق / اي من - مؤثر- الخارج للداخل في صورة تحمل تركيب من خلال ألفاظ بنكهة السهل الممتنع ،
ثم ختام بنكهة تناص مع ألفاظ القرآن الكريم - مع الفارق - / هل من مزيد/ في إسقاط من عين التناص على رمزية مفردة / سيمفونية/ التي تحمل معنى مشاعرها في تلك الحلقة الراهنة من التنائي والتوق المشجن لتصبح هوة عميقة القرار تحتوي كل الأحزان التي تلقى لها دوم امتلاء لتسقط على واقع حال ملبد بالمشاعر المشجنة التي تفرزها آه الحسرة المسهدة في ليالي خلت من نجومها ،
النص نتاج حالة وجدانية تحيطها امداء ضبابية وعتبات تمني لا تحوي سوى السراب وقد تم انتقاء الألفاظ الدالة على الرؤية والمشاهد المصورة بعناية .
مودتي وضوع نيل دياري
هشام صيام ..
تعليقات
إرسال تعليق