قراءة تأويلية لنص فاصلة شجن للشاعرة شذا البراك
فاصلة الشجن
في زق التنهدات..
خبأت همس العتاب..
شيء ما في ذكريات
باهتة..
أشعل شرارة الشوق..
وشراغ الحزن..
كأفيون أدمنه صخب الحكاية..
أغلقت هالة قلبي من الاختراق..
كي تشفى مني..
والليل يكشف أوراقي كمتاهة..
تغزوني بفاصلة التصقت بمسافة تنادم السلوى ..
وأكسير السعادة..
يعزف على أوتار سيمفونية ناقصة..
كلما ألقيت لها شجوني ..
تقول هل من مزيد..
فاصلة
علامة من علامات الترقيم تُرسم بين الجمل المتعاطفة، وبين أنواع الشيء وأقسامه وبعد لفظة المنادى
شجن
هو بالغ الشعور
الشديد بالحزن لفعل ما تم بلوغه من المشاعر بشدة تعود. عليه بهذا الإحساس
يقال أن مفتاح النصوص النثرية
يكمن في عنوانه
عنوان هذا النص اختير بعناية يحمل العديد من الدلالات والرموز التي من شأنها ان تضيء درب المتلقي لفهم هذا النص
رغم ان لكل شخص وجهة نظر واسقاطات للنصوص تختلف من قارئ لآخر
لكن ولابد ان تكون هناك نقطة التقاء في بعض من الأفكار المستخرجة من هذا النص
نعود للعنوان هو غامض بعض الشيء
فربما كانت الكاتبة تقصد الوقت المستقطع الذي يتخلل الحالة الشعورية من الحزن
قد يقودنا التفكير أنها تقصد زمن الفاصلة
الفاصلة هي توقف لبعض من الوقت والعودة إلى مواصلة امر ما
في زق التنهدات..
خبأت همس العتاب..
الزق هو وِعاءٌ مِنْ جِلْدٍ يُمْلأُ بِالْماءِ أَوِ اللَّبَنِ أَوِ الْخَمْرِ وَنَحْوِهَا
خبأت كاتبتنا تنهيداتها
وبعض من همس العتاب
بداية مشحونة بالحزن الذي هو تشكل تحت تأثير العتاب
الغريب في الامر انه هناك نوع من التحنان في منطق الكاتبة
لم قالت زق ولم تقل وعاء؟
اذ ان الوعاء قد يصنع من معادن صلبة
على غرار الزق فهو من الجلد
اذ احتضن التنهيدات فلن يكون قاسيا صلبا عليها
هنا الكاتبة تحيط نفسها بهالة من الرفق لمشاعرها المتأججة بالحزن
وربما ضاع عنها التفكير أن الصلابة احيانا تكون درعا واقيا للمشاعر
بينما ما اتخذته كدرع لحماية مشاعرها لها الثقوب ان تنال منه
شيء ما في ذكريات
باهتة..
أشعل شرارة الشوق..
حين يستعمل الكاتب عبارة شيء ما
فهو يعني شيء معين بداخله لكنه يأبي التصريح عنه
أو ان قلمه يعاند ولا يجد التصاوير والتشبيهات التي لها القدرة على شرح هذا الشيء
و الذي بدوره يحتل موطن كبير من وجدان الكاتب
مادام اتت على ذكر الذكريات فهنا نستخلص ان الحالة الشعورية الآنية بالحزن لقد مرت هي فقط مشاعر زائرة تحاكي الذاكرة من فترة لأخرى
باهتة ....
لقدم الأحداث لازمها التلاشي وضياع بعض التفاصيل
ويال جلل الشيء الذي قالت عنه الكاتبة شيء ما.... الذي بإستطاعته اشعال شرارة شوق رغم بهتان تفاصله
وشراع الحزن..
كأفيون أدمنه صخب الحكاية..
الحزن اشبه بالبحر
اذا لامس الوجدان بتنا نبحر فيه وامواجه العاتية تقلب أفكارنا
هو إدمان الفكر لتفاصيل الحدث المؤلم
وصف موفق لحالة الحزن التي تتملك الكاتبة
أغلقت هالة قلبي من الاختراق..
كي تشفى مني..
تحاول صاحبة النص التخلص من هذا الشعور
بخلق درع واقي لقلبها
رغم الوجع الذي يصاحب الكاتبة إلا انها فتحت نافذة أمل
كلمة التشافي هي كلمة تصاحب الإصرار على الخروج من هذه الحالة إلى حال افضل
والليل يكشف أوراقي كمتاهة..
تغزوني بفاصلة التصقت بمسافة تنادم السلوى ..
جعل الليل ستر وغطاء هنا ناقضت الكاتبة هذه الفكرة جاءت بضدها ان الليل يفضح اوراقها
ربما رمزت للارق الشديد الزائر المحبب في الليل البهيم
هذا الذي يصاحبنا في كل رحلة افكار ليلية اشبه بالمتاهة
وأكسير السعادة..
يعزف على أوتار سيمفونية ناقصة..
كلما ألقيت لها شجوني ..
تقول هل من مزيد..
بلوغ السعادة بنظر الكاتبة صعب المنال
او هو سطر ضائع من نص تاه مضمونه
نص جميل جدا رغم حالة الحزن الشديد التي صاحبت الكاتبة
اتت على ذكر عتاب
لكن لم تخبرنا ما كان هذا العتاب
تركت للقارئ مساحة للتخيل
عتاب ماذا ؟
لغة راقية تشبيهات وتصاوير جميلة جدا
تلج قلب القارئ لتتمكن من مشاعرة وتطوعها نحو التعاطف من صاحبة النص
كانت رحلة جميلة مع هذا النص
بوركت الكاتبة
تحياتي والتقدير
الشاعرة ملاك نورة حمادي
تعليقات
إرسال تعليق