الشاعر و الناقد علي المحمودي
تأويلية في نص الاديبة قراءةتوكلنا علي الله "ماذا لو "
ماذا لو ؟؟
خٓفتٓ وميضي فجأة ..
تساقطتُ شهابا شاردا
وضعت بين مجرٌاتك
وظمني قبر الأبدية
كالعابرين وأضحيت
جسدا مسجى باردا !!!
ماذا لو
قررت إنسحاب الثائرين
وسافرت ومعي حقائب
الذكريات أطوي بها
براري عمري القاحلة
زادي ذكريات قصيرة
العمر لاتكفي حتى لربع الرحلة
هل كنت لترثيني؟؟
تغزل لي كفنا من حرير يأويني ؟؟!
تحمل نعشي على الأكتاف
وتدق طبول الحرب
تنتقم لي منك وتنعاني
هل كنت لتجد الشجاعة
لتدفن جثماني المشتعل
وتقبل العزاء في قلبي
وتعترف أنك قاتلي ؟؟!
هل كنت لتبكيني ؟؟!
وتكتب للتاريخ بل وللجغرافيا
فقد شهدت جغرافية عمري
ميلاد دمارك
تكتب بخطك وبقلمك وبقلبك
أمام العالم أجمع
"تأبيني "!!!
ماذا لو ؟؟!!!
ماذا لو ؟؟
عنوان نص الشاعرة الجزائرية توكلنا على الله وهو نص نثري
متقن كنص حداثي واضح تتوافر فيه مقومات النثر الشعري سواء من خلال التكثيف واستخدام المجازات وحتى الحضور الواقعي للذات وهنا أقول يجب عدم الخلط بين عالم الواقع وعالم القصيدة لأن الشاعر لا يقدم لنا أدلة دامغة أو سنداً تاريخياً أو دينياً عن احساساته كما قال الدكتور مرتضى الشاوي فهو ليس مطالب أن يعرض الحقائق الموضوعية عن شخصيته او عن العالم فالعنوان هنا سؤال مصحوب بشرط من خلال تركيب افرادي اتخذ شكلاً كلاسيكياً عند المتلقي من خلال أداة الشرط غير الجازمة فهو حرف شرط للتعلق في الماضي أو المستقبل يستعمل في الامتناع وعدم الإمكان من خلال امتناع الجواب
لاامتناع الشرط فهو متعلق بما سيأتي متبوعاً في النص فالنص بدأ بفعل تجاوز زمن الحدوث مسنداً باسم يحمل صفة الوصف متعلق به ياء المتكلم فهنا نجد الصفة الصرفية للفعل الدال على الحركة والاسم الدال على الثبات وكأنها لحظة اختلال توازن اجتاحت العقل لعارض قدري
جاء فجأة بدون مقدمات
ليأخذ شكلاً جبرياً لا يخضع للاختيار من خلال المجاز فصورت الذات بالشهاب المحترق ولم تأت بالوصف مكتفية بفعل السقوط المقترن بالاحتراق موصوفا بالشرود ليلتحق بالوصف الإنساني دالاً على الذات فهو ديالوج اتخذ شكل الحوار الذاتي وجهت من خلاله الشاعرة نصها لمخاطب غائب فهو ليس مجرد حوار بل خطابية وصفية قصدت من خلالها الشاعرة ايصال رسائل لمن له الخطاب عن الضياع ووصف الحال في حال الافتراق والبعاد وكأنه حوار تخيلي لحدث متخيل يحدث مستقبلاً وكأنه استشرافاً لمآلات ما بعد الفراق في ديمومة الفناء وكأنما الموت تسلل ليترك الجسد بلا روح فهنا الصورة الشعرية عميقة لتوافر قوة الذات الشاعرة في رسم المقاربات المعنوية والمادية فضياع الحب موت وفناء لتعود وتكرر نفس السؤال المشروط وكأن النص يبدأ من جديد من خلال الرجوع بالحكي إلى ما قبل النهايات فهنا السؤال يبدو سرديا اكثر من كونه ينتظر الجواب فالشاعرة لا توجه الخطاب لمعين ولكن وصفا لحالة القلب في حالة الإنسحاب وقرار الرحيل وابتعدت به عن التقريرية بالموازنة بين الصياغات الواضحة والبعد عن الإبهام والصور الكثيفة وحسن استخدام الصور المجازية من قبيل حقائب الذكريات/تساقطت شهابا شاردا/براري العمر القاحلة/زادي ذكريات قصيرة/ وكذلك التعاطي مع الزمن من خلال الأفعال فنجد في بدايات النص شيوع الماضي المسند للضمائر المتصلة مثل تساقطت/وضعت وضمني/ قررت/ سافرت/وذلك خلال الحديث عن الذات لكن حينما توجه الخطاب تعود بالزمن إلى زمن الحدوث واستمرار الحدث مثل /ترثي وتغزل/ وتأوي /تحمل/ تدق تنتقم تدفن/ تعترف/ ليبقى الزمن هاجسا لما كان وما يحدث وما سيكون فالنص سؤال مصيري إخباري موجه لغائب هو الفاعل الرئيس في تلك العلاقة المتشابكة فكما أسلفت قبل الشاعر ليس مكلفا بإعطاء القارئ تفاصيل أكثر مما جاء في السطور فأنا كقارئ أجد النص تعبيرا عن علاقة متشابكة واشارات لما يعتمل صدر الشاعرة من احاسيس هى بالأساس ما نسميه بالتجربة الشعرية فليس ناتج عن مجرد الرغبة فى صياغة للكلمات ولكن هو رسائل مبطنة ورمزية لمعاناتها بتلك التجربة فانظر إلى قولها
هل كنت ترثيني ؟!!
تنتقم لي منك وتنعاني
وكأنما السؤال أصبح لوما وتأنيبا للذات المخاطبة ومتى كان الانتقام سبيله المحب لذاته فهو أقرب لأسلوب التأنيب على ما اقترف فهى لا تريد الانتقام ولا الرثاء ولكن مجرد طرقة على جدار الضمير وقد وصفته بالقاتل وجعلت الحب حربا تستلزم وجود الشجاعة الوجدانية وقد سلمت سلفا بنتيجة تلك الحرب لصالح المحب وذلك لسبب بسيط أن النص هو نتاج تجربة اوشكت أن تحط رحالها فهو يحمل واقعية التجربة من خلال حقول دلالية تميل للحزن والتشظي والموت والحرب والثائرين والطبول والقبر والشجاعة والرحيل ورغم سوداوية النظرة وقتامة الصورة الشعرية يبقى النص رائعا صياغة ومعنى تنوعت فيه الحقول الدالية لتختتم النص بنفس البداية ونفس الصيغة ليظل الباب مفتوحا للسؤال الذي ينتظر الإجابات
نص رائع فعلا لكاتبة لا تدعي الشاعرية وفي الأخير هى مجرد اشارة ومجرد قراءة قد تختصم النص أو تتصالح معه ليس مهما فكل قارئ له الحق في قراءة النص ويبقى النص هو جوهر التجربة تحياتي للشاعرة ولكم جميعا وأتمنى من الجميع ترك الإطراء وإبداء وجهة نظره
# تحياتي للجميع علي المحمودي
تعليقات
إرسال تعليق