" نَصٌّ و قِرَاءَةٌ .. !! "
*****************
" النَّصُّ ...!! " ..
*****************
" عتمة الشمس ..!! "
=======
لا تنفث في رمادي
فما للفينيق فيه من قيامة
لن تلدني شفاهك
اسطورة القنديل و الاحتراق
لا .... لا تكحل فرحك بالسناج
أخشى على عينيك السواد
وحدي من تعلم
ما بين ذراته
تاريخ يعج بالهزائم
و بذاك الفاتح ...
اليوم لا يقرأ
تراه مشغولا بعيد الحب
يعد العبارات
على باقات الورد الاحمر
العشيقات على الصفحات كثر
اه .. أه قلبه منذ زمن مات
وضع الراء عود ثقاب
ما بين الحاء و الباء
يشعل الحارات
يضع الف سبب للموت
فصلها الشيطان
على أنها أثواب الفضيلة
و تمتم على قلبه بها صلاة
سبحان من أجرى الاحمر فينا حياة
و اجرينه موت على الطرقات
لا... لا تنفث في رمادى
لن تقوم من تحته أشجار
تبني ذاكرة للعصافير المهاجرة
شفتاك لن تلد إلا ناي بكاء
لحنه من رئتي......
المحشوة برائحة الموت و الآهات
لا ... لا تنفث في رمادي
أخشى على عينيك البكاء
==============
ميسر عليوة 🇵🇸 فلسطين
*********************
" الْقِرَاءَةُ ..! "
" وَيَبْتَلِعُ اللَّيْلُ حَنْجَرَةَ الْحُلْمِ ..!! ".. د.مُهَنْدِس/ إِيَادُ الصَّاوِي .
**********************
كثيفة غفوة المسافات على امتداد جليدها ،يمشط الضباب في صدرها صدى أوزاره ،فأي نهر مستيقظ الأن لتفرغ فيه ملحها ..؟!
هل غرس جنود الريح نبتهم على أديم كفها ..؟!
فأغرقها الشتاء بــ نوات جنونه ، واستراح من عناء الشهقة
على أرصفتها المطر . !!
لعل أهم وصف أو تحديد لقصيدة النثر هو ذاك الذي وصفه بودلير قائلاً :
" مَن منّا لم يحلم بمعجزة نثر شعري ، موسيقي بلا وزن ولا قافية ، لين ومتنافر ، كي يتآلف مع الحركات الغنائية للروح ، ومع تموجات الحلم وارتجافات الوعي ..!؟ " .
إِنَّ ما يُسمّى ب" قصيدةِ النّثر " لٓهُوٓ ضرْبٌ من ضُروبِ الأدبِ ، نجدُ أنها مزيجٌ ثنائيُّ التركيبِ من الشّعرِ والنثرِ، ومولودٌ حداثيٌّ لا بدَّ وأن نعترفَ به بين أقرانِه – شئنا أم أبينا – حتى وإن كان دخيلًا علينا فإنه حريٌ بنا احتضانَه والأخذَ بيدِه ليبلغَ بَرَّ الأمان ؛ انطلاقًا من جوهرِ اللغةِ الدقيقِ والثابتِ الذي يؤمنُ بالمرونةِ والليونةِ والتطوّرِ والخلقِ والإبداعِ ، مهما اتّخذَتِ اللغةْ أشكالًا ومفاهيمَ ومصطلحاتٍ ، واللغةُ كائنٌ حيٌّ يعيشُ في مادّته شعرًا كانٓ أم نثرًا ..!!
ولمّا كانتْ قصيدةُ النّثرِ جنسًا أدبيًّا ذا طاقةٍ هائلةٍ ، مُتمرِّدًا ، رافضًا ، مُزمْجِرًا ، لا يرسو على بحرٍ ، مُتَطَلِّعًا للحريَّة ولا يخضعُ لقيود ؛ فإِنّهُ كانَ لزامًا عليهِ أنْ يخْتَلِقَ لغتَهُ الثّوريّةٓ والتّفْجيريّةٓ والتّخييليّةٓ والرّمزيّةٓ والتّكثيفيّة في أبعادٍ رُؤْيويّةٍ عميقةٍ بينَ جدليّةِ الأسئلةِ الوجوديّةِ .. !!
له شخصيّتُه وخصائصُهُ ومناصِروهُ ومناهِضوهُ ، كما له محارِبوهُ أيضًا ، إذ أنه في عيونِ الكثيرِ من الشعراءِ محطُّ اتّهامٍ بالإساءةِ والإهانةِ والتعدّي على الشعرِ ، رغمَ أنه مُنتَجٌ لُغويٌّ يُناضلُ ليستريحَ من هذه الإشكاليّةِ ، ورغم أنه أثبتَ هُوِيّتَهُ وكيانَه في فضاءاتهِ الشعوريّةِ والفكريّةِ والوجدانيّةِ والفنيّةِ، وحقَّقَ معاييرَه الشّرعيّة للقَبول العام ، وبلوغ ذوق المتلقي غي شتى المناحي ..!!
" عتمة الشمس ، وارتقاء اليقظة ..!! " ..
من مطلع العنوان وأنت تعالج الملح الطافح في حنايا الروح ..!
متمردا على واقعه ، رافضا له ، مجترا من الحلم زمن العز ، وأن تشرق الشمس من جديد ، ولا تكن على إشراقها في العيون مخلفة لعتمة الضمائر والنخوة ..!!
عنوان يجعلك تبتلع ريقك قبل أن توغل في أدغال هذا النص ، مستجمعا قواك للدهشة ، وألا تبهتك المفاجأة ..!!
تناص يتوازى بطريقة رقراقة مع لوعة الروح وأمنيات الحلم ..!!
يطوي أرصفة الخراب القادم من عمق الماء ..!
عنوان رمادي المزاج ينفث ضجره في وجوه المارة ، ينتعل الوجع ممرا لزجا لصفرة خرائطها ، يحلق فوق أرصفة المعنى وتضاريس التأويل ..!!
هذه الرمزية التي يدور عليها رحى النص هي مكمن تلك الشقوق المتجذرة في الروح ..!!
سماء تغرق أزرقها في ظلها، تحتوّي مدن خوفها ،كلما علت وتيرة الانتظار ملامح المسافات ..!
وكأنها تغني أغنية لملح الليل ، تضمد بلاهة قطبين نازفين بالحبر، وتمرر بين شفاه الصمت أغنية لنا ..!!
ولدراسة هذا النص علينا أن نخضعه إلى التشريح الـ " سيميولوجي " .. وقد عرفه روبرت شولز : " النصوص المتناصه أو المتداخلة أخذ به السيميولوجين مثل بارت وجينية وكريستيفا ويفاتير وهو اصطلاح يحمل وثيقة الخصوصية ، تختلف بين ناقد وآخر والمبدأ العام فيه هو أن النصوص تشير إلى نصوص أخرى ، مثلما أن الإشارات " signs " تشير إلى أشارات أخرى ، وليس إلى الأشياء المعنية مباشرة " .. والشاعر يكتب ويرسم لوحاته لا من الطبيعة وإنما من وسائل أسلافه في تحويل الطبيعة إلى نص .
لذا فإن النص المتناص " المتداخل هو : يتسرب إلى داخل نص آخر ، ليجسد المدلولات ، سواء وعى الكاتب بذلك أو لم يعِ " ..!!
وعن هذا يقول ليتش : " إن النص ليس ذاتا مستقلة أو مادة موحدة. ولكنه سلسلة من العلاقات مع نصوص أخرى ونظامه اللغوي ومع قواعده ومعجمه " ..!!
وكذلك نقول : أن كل نص هو عبارة عن لوحة فسيفسائية من الاقتباسات وكل نص هو تشرب وتحويل لنصوص أخرى ، ..!!
هنا في هذا النص نجد أنه يدور في فلك " أسطورة طائر الفينيق " ....!!
تلك الأسطورة الكنعانية القديمة ، وهذا الطائر الذي كان يشارك الشعب في آلامهم وتحوَّل إلى رماد ، لكن لم تكن هذه نهاية الفينيق ، بل البداية ، إذ خرجت بيضة من تحت الرماد في اليوم الأول ، كبرت البيضة ، وفي اليوم الثاني ، خرج منها جناحان ، وفي اليوم الثالث عاد الفينيق حيًّا.
حمل الطائر عشَّه البخوري ، وطار به إلى مدينة الشمس بعل- بت (بعلبك)، ثم طار من جديد إلى الجنة ، ..!
لكنه فضَّل أن يعود ويموت في أرز لبنان على أن يبقى في الجنة السماوية إلى الأبد. هذا ما يحدث كلَّ خمسمائة ربيع أو أكثر قليلاً ، يموت الفينيق ويُبعَث حيًّا من رماده ...!!
لكن تلك الصورة القاتمة ، والتي تدل أن ولائد الأمل موؤدة في هذا النص ، مما يجعل المناسبة قوية بين العنوان والنص ..!!
ثم يشرع النص في ذكر الفواجع والمواجع والتي تنقلها الحروف ابتداءً من " تاريخ بعج بالهزائم " ثم تعود الصورة أكثر قتامة من كون الفاتح المؤمل على يديه الخروج من وهدة النكبات " مشغولا بعيد الحب " ..، في ارتقاء اليقظة
تناهض فيه ارتطام الروحبتلال الوقت الخادع ، ثم هذا الحب المطلول في ساح الحروب ..!!
وما أعتى النص حين ينقلنا نقلة نوعية ، بخديعة الشيطان ، وأنه فصل أثوابا من مكره وخديعته للبشرية بسفك الدم ، على أنه ثوب فضيلة ، صورة قاسية المعنى للتحول مما هو حقيقي إلى الوهم الجارف لحقيقة الأشياء وماهيتها ، فما أعظم حيل الشيطان ، وما أوهم البشرية المخدوعة ..!!
وبَقِيت تدُسُّ الواقعَ والمُمْكنَ والمحالَ ،في ريشِ طائرٍ ؛طفِقَ يحلِّقُ في أسفارِ المجازِ ،ويُعلِّمُ الشّمسَ منطِقَه ، وقتامته ..!
وكأن كلَّ النّوافذِ ،تُطِّلُّ على النِّهاياتِ المقْفَلةِ ..!!
وراحَت تصلبنا بين حروفها ، وكأن الطائر طارَ في فمها ولَمْ يَعُدْ ..!
ومن بين سطورها التى تدمع الصاب تنادي الإنسان تقول : تعَرَّ من آدميّتِك .. و اسْلخْ عنكَ هيكلةَ جسدِك. . لتتبرّأَ من ضبابيّةِ التّراب .. ومن عبثيّةِ طينتِكَ الموُشِكةِ على الخراب .. اخرجْ من عباءةِ الليلِ المتّشِحةِ بالسّوادِ .. والتحفْ ألوانَ السّماءِ .. لترتقي بأناكَ إلى ما بعدِ روحِك .. اغسلْ خطيئتَكَ بظمئِكَ .. واقضمْ آثامَكَ بجوعِك .. تكنْ بريئًا من العهرِ الآدميِّ .. قريبًا إلى الطهرِ الملائكيِّ ..!!
وإن كان هذا لم يأت صريحا في النص ..!!
وهذا مما أعيبه على النص المترع بالرماد أنه لم يترك ثقب إبرة صريحا لأدنى أمل ، وربما هذا الذي نعيبه هنا ، هو جراء تلك السحب الداكنة التي تغلف ملامح المجتمع المحيط والذي ولد منه هذا النص ..!!
فالأدب الذي لا يتعلق بهموم المجتمع ولا يأبه لقضاياه حتما يموت ، وبضده تكتب له الحياة ..!!
يتضح مما تـقدم - على تلك العجالة - أن النص يطـلق صرخة إنسانية ، مفادها أن لكل إنسان عربي حق مشروع ، أن يعيش بكرامة ، حياة خالية من القتل والخراب والجهل ، كما تطالب الشاعرة باسترداد الأوطان المحترقة بالحروب والصراعات ، وتطالب أيضا بإيجاد ممرا آمنا للخروج من دهاليز هذه الفجيعة ، وإقامة الحد برجم شياطين وتجار الحروب ..!!
بهذا النص المتفجر بالحيوية والانتماء ... نجد الشاعرة شديدة الحب لقومها ، شديدة الغيرة على وطنها ، ترنو إلى بعث جديد ..!!!
ويظلُّ الحرفُ يجمعُنا ويبلغُ فينا مداه ؛ مهما باعدَتْنا الشُّقةُ وأبهظتْ كاهلَنا العجافُ من السّنين ..!؟
********
أمنياتي للأستاذة الشاعرة بالتوفيق نحو رسم عالم من الواقعية المنقوشة بدم الحروف ، لإبراز خارطة طريق نحو عالم يسوده العدل وتتغلب فيه الإنسانية ..!!
وخالص تحياتي ..!!
د.إياد الصاوي
********************************
*****************
" النَّصُّ ...!! " ..
*****************
" عتمة الشمس ..!! "
=======
لا تنفث في رمادي
فما للفينيق فيه من قيامة
لن تلدني شفاهك
اسطورة القنديل و الاحتراق
لا .... لا تكحل فرحك بالسناج
أخشى على عينيك السواد
وحدي من تعلم
ما بين ذراته
تاريخ يعج بالهزائم
و بذاك الفاتح ...
اليوم لا يقرأ
تراه مشغولا بعيد الحب
يعد العبارات
على باقات الورد الاحمر
العشيقات على الصفحات كثر
اه .. أه قلبه منذ زمن مات
وضع الراء عود ثقاب
ما بين الحاء و الباء
يشعل الحارات
يضع الف سبب للموت
فصلها الشيطان
على أنها أثواب الفضيلة
و تمتم على قلبه بها صلاة
سبحان من أجرى الاحمر فينا حياة
و اجرينه موت على الطرقات
لا... لا تنفث في رمادى
لن تقوم من تحته أشجار
تبني ذاكرة للعصافير المهاجرة
شفتاك لن تلد إلا ناي بكاء
لحنه من رئتي......
المحشوة برائحة الموت و الآهات
لا ... لا تنفث في رمادي
أخشى على عينيك البكاء
==============
ميسر عليوة 🇵🇸 فلسطين
*********************
" الْقِرَاءَةُ ..! "
" وَيَبْتَلِعُ اللَّيْلُ حَنْجَرَةَ الْحُلْمِ ..!! ".. د.مُهَنْدِس/ إِيَادُ الصَّاوِي .
**********************
كثيفة غفوة المسافات على امتداد جليدها ،يمشط الضباب في صدرها صدى أوزاره ،فأي نهر مستيقظ الأن لتفرغ فيه ملحها ..؟!
هل غرس جنود الريح نبتهم على أديم كفها ..؟!
فأغرقها الشتاء بــ نوات جنونه ، واستراح من عناء الشهقة
على أرصفتها المطر . !!
لعل أهم وصف أو تحديد لقصيدة النثر هو ذاك الذي وصفه بودلير قائلاً :
" مَن منّا لم يحلم بمعجزة نثر شعري ، موسيقي بلا وزن ولا قافية ، لين ومتنافر ، كي يتآلف مع الحركات الغنائية للروح ، ومع تموجات الحلم وارتجافات الوعي ..!؟ " .
إِنَّ ما يُسمّى ب" قصيدةِ النّثر " لٓهُوٓ ضرْبٌ من ضُروبِ الأدبِ ، نجدُ أنها مزيجٌ ثنائيُّ التركيبِ من الشّعرِ والنثرِ، ومولودٌ حداثيٌّ لا بدَّ وأن نعترفَ به بين أقرانِه – شئنا أم أبينا – حتى وإن كان دخيلًا علينا فإنه حريٌ بنا احتضانَه والأخذَ بيدِه ليبلغَ بَرَّ الأمان ؛ انطلاقًا من جوهرِ اللغةِ الدقيقِ والثابتِ الذي يؤمنُ بالمرونةِ والليونةِ والتطوّرِ والخلقِ والإبداعِ ، مهما اتّخذَتِ اللغةْ أشكالًا ومفاهيمَ ومصطلحاتٍ ، واللغةُ كائنٌ حيٌّ يعيشُ في مادّته شعرًا كانٓ أم نثرًا ..!!
ولمّا كانتْ قصيدةُ النّثرِ جنسًا أدبيًّا ذا طاقةٍ هائلةٍ ، مُتمرِّدًا ، رافضًا ، مُزمْجِرًا ، لا يرسو على بحرٍ ، مُتَطَلِّعًا للحريَّة ولا يخضعُ لقيود ؛ فإِنّهُ كانَ لزامًا عليهِ أنْ يخْتَلِقَ لغتَهُ الثّوريّةٓ والتّفْجيريّةٓ والتّخييليّةٓ والرّمزيّةٓ والتّكثيفيّة في أبعادٍ رُؤْيويّةٍ عميقةٍ بينَ جدليّةِ الأسئلةِ الوجوديّةِ .. !!
له شخصيّتُه وخصائصُهُ ومناصِروهُ ومناهِضوهُ ، كما له محارِبوهُ أيضًا ، إذ أنه في عيونِ الكثيرِ من الشعراءِ محطُّ اتّهامٍ بالإساءةِ والإهانةِ والتعدّي على الشعرِ ، رغمَ أنه مُنتَجٌ لُغويٌّ يُناضلُ ليستريحَ من هذه الإشكاليّةِ ، ورغم أنه أثبتَ هُوِيّتَهُ وكيانَه في فضاءاتهِ الشعوريّةِ والفكريّةِ والوجدانيّةِ والفنيّةِ، وحقَّقَ معاييرَه الشّرعيّة للقَبول العام ، وبلوغ ذوق المتلقي غي شتى المناحي ..!!
" عتمة الشمس ، وارتقاء اليقظة ..!! " ..
من مطلع العنوان وأنت تعالج الملح الطافح في حنايا الروح ..!
متمردا على واقعه ، رافضا له ، مجترا من الحلم زمن العز ، وأن تشرق الشمس من جديد ، ولا تكن على إشراقها في العيون مخلفة لعتمة الضمائر والنخوة ..!!
عنوان يجعلك تبتلع ريقك قبل أن توغل في أدغال هذا النص ، مستجمعا قواك للدهشة ، وألا تبهتك المفاجأة ..!!
تناص يتوازى بطريقة رقراقة مع لوعة الروح وأمنيات الحلم ..!!
يطوي أرصفة الخراب القادم من عمق الماء ..!
عنوان رمادي المزاج ينفث ضجره في وجوه المارة ، ينتعل الوجع ممرا لزجا لصفرة خرائطها ، يحلق فوق أرصفة المعنى وتضاريس التأويل ..!!
هذه الرمزية التي يدور عليها رحى النص هي مكمن تلك الشقوق المتجذرة في الروح ..!!
سماء تغرق أزرقها في ظلها، تحتوّي مدن خوفها ،كلما علت وتيرة الانتظار ملامح المسافات ..!
وكأنها تغني أغنية لملح الليل ، تضمد بلاهة قطبين نازفين بالحبر، وتمرر بين شفاه الصمت أغنية لنا ..!!
ولدراسة هذا النص علينا أن نخضعه إلى التشريح الـ " سيميولوجي " .. وقد عرفه روبرت شولز : " النصوص المتناصه أو المتداخلة أخذ به السيميولوجين مثل بارت وجينية وكريستيفا ويفاتير وهو اصطلاح يحمل وثيقة الخصوصية ، تختلف بين ناقد وآخر والمبدأ العام فيه هو أن النصوص تشير إلى نصوص أخرى ، مثلما أن الإشارات " signs " تشير إلى أشارات أخرى ، وليس إلى الأشياء المعنية مباشرة " .. والشاعر يكتب ويرسم لوحاته لا من الطبيعة وإنما من وسائل أسلافه في تحويل الطبيعة إلى نص .
لذا فإن النص المتناص " المتداخل هو : يتسرب إلى داخل نص آخر ، ليجسد المدلولات ، سواء وعى الكاتب بذلك أو لم يعِ " ..!!
وعن هذا يقول ليتش : " إن النص ليس ذاتا مستقلة أو مادة موحدة. ولكنه سلسلة من العلاقات مع نصوص أخرى ونظامه اللغوي ومع قواعده ومعجمه " ..!!
وكذلك نقول : أن كل نص هو عبارة عن لوحة فسيفسائية من الاقتباسات وكل نص هو تشرب وتحويل لنصوص أخرى ، ..!!
هنا في هذا النص نجد أنه يدور في فلك " أسطورة طائر الفينيق " ....!!
تلك الأسطورة الكنعانية القديمة ، وهذا الطائر الذي كان يشارك الشعب في آلامهم وتحوَّل إلى رماد ، لكن لم تكن هذه نهاية الفينيق ، بل البداية ، إذ خرجت بيضة من تحت الرماد في اليوم الأول ، كبرت البيضة ، وفي اليوم الثاني ، خرج منها جناحان ، وفي اليوم الثالث عاد الفينيق حيًّا.
حمل الطائر عشَّه البخوري ، وطار به إلى مدينة الشمس بعل- بت (بعلبك)، ثم طار من جديد إلى الجنة ، ..!
لكنه فضَّل أن يعود ويموت في أرز لبنان على أن يبقى في الجنة السماوية إلى الأبد. هذا ما يحدث كلَّ خمسمائة ربيع أو أكثر قليلاً ، يموت الفينيق ويُبعَث حيًّا من رماده ...!!
لكن تلك الصورة القاتمة ، والتي تدل أن ولائد الأمل موؤدة في هذا النص ، مما يجعل المناسبة قوية بين العنوان والنص ..!!
ثم يشرع النص في ذكر الفواجع والمواجع والتي تنقلها الحروف ابتداءً من " تاريخ بعج بالهزائم " ثم تعود الصورة أكثر قتامة من كون الفاتح المؤمل على يديه الخروج من وهدة النكبات " مشغولا بعيد الحب " ..، في ارتقاء اليقظة
تناهض فيه ارتطام الروحبتلال الوقت الخادع ، ثم هذا الحب المطلول في ساح الحروب ..!!
وما أعتى النص حين ينقلنا نقلة نوعية ، بخديعة الشيطان ، وأنه فصل أثوابا من مكره وخديعته للبشرية بسفك الدم ، على أنه ثوب فضيلة ، صورة قاسية المعنى للتحول مما هو حقيقي إلى الوهم الجارف لحقيقة الأشياء وماهيتها ، فما أعظم حيل الشيطان ، وما أوهم البشرية المخدوعة ..!!
وبَقِيت تدُسُّ الواقعَ والمُمْكنَ والمحالَ ،في ريشِ طائرٍ ؛طفِقَ يحلِّقُ في أسفارِ المجازِ ،ويُعلِّمُ الشّمسَ منطِقَه ، وقتامته ..!
وكأن كلَّ النّوافذِ ،تُطِّلُّ على النِّهاياتِ المقْفَلةِ ..!!
وراحَت تصلبنا بين حروفها ، وكأن الطائر طارَ في فمها ولَمْ يَعُدْ ..!
ومن بين سطورها التى تدمع الصاب تنادي الإنسان تقول : تعَرَّ من آدميّتِك .. و اسْلخْ عنكَ هيكلةَ جسدِك. . لتتبرّأَ من ضبابيّةِ التّراب .. ومن عبثيّةِ طينتِكَ الموُشِكةِ على الخراب .. اخرجْ من عباءةِ الليلِ المتّشِحةِ بالسّوادِ .. والتحفْ ألوانَ السّماءِ .. لترتقي بأناكَ إلى ما بعدِ روحِك .. اغسلْ خطيئتَكَ بظمئِكَ .. واقضمْ آثامَكَ بجوعِك .. تكنْ بريئًا من العهرِ الآدميِّ .. قريبًا إلى الطهرِ الملائكيِّ ..!!
وإن كان هذا لم يأت صريحا في النص ..!!
وهذا مما أعيبه على النص المترع بالرماد أنه لم يترك ثقب إبرة صريحا لأدنى أمل ، وربما هذا الذي نعيبه هنا ، هو جراء تلك السحب الداكنة التي تغلف ملامح المجتمع المحيط والذي ولد منه هذا النص ..!!
فالأدب الذي لا يتعلق بهموم المجتمع ولا يأبه لقضاياه حتما يموت ، وبضده تكتب له الحياة ..!!
يتضح مما تـقدم - على تلك العجالة - أن النص يطـلق صرخة إنسانية ، مفادها أن لكل إنسان عربي حق مشروع ، أن يعيش بكرامة ، حياة خالية من القتل والخراب والجهل ، كما تطالب الشاعرة باسترداد الأوطان المحترقة بالحروب والصراعات ، وتطالب أيضا بإيجاد ممرا آمنا للخروج من دهاليز هذه الفجيعة ، وإقامة الحد برجم شياطين وتجار الحروب ..!!
بهذا النص المتفجر بالحيوية والانتماء ... نجد الشاعرة شديدة الحب لقومها ، شديدة الغيرة على وطنها ، ترنو إلى بعث جديد ..!!!
ويظلُّ الحرفُ يجمعُنا ويبلغُ فينا مداه ؛ مهما باعدَتْنا الشُّقةُ وأبهظتْ كاهلَنا العجافُ من السّنين ..!؟
********
أمنياتي للأستاذة الشاعرة بالتوفيق نحو رسم عالم من الواقعية المنقوشة بدم الحروف ، لإبراز خارطة طريق نحو عالم يسوده العدل وتتغلب فيه الإنسانية ..!!
وخالص تحياتي ..!!
د.إياد الصاوي
********************************
تعليقات
إرسال تعليق