جبل الثلج
قصة
تذهب الزوجة كل مساء إلى المحطة تنتظر زوجها ،سائق القطار، الذي يصل دائماً على الوقت، تستقبله بالقبل وتقله بسيارتها إلى المنزل...
يأخذ الرجل حمامه الدافئ، وبعدها يجلسان إلى طاولة العشاء، ويتبادلان الأحاديث حول مجريات النهار، او يشاهدان التلفاز...
حياتهما حب واستقرار وسلام، كلاهما متفان في اسعاد الآخر، شريك عمره...
هذان الحبيبان، متزوجان منذ خمس سنوات...في عيد زواجهما الأخير، رتبت الزوجة طاولة الطعام، زينتها بالشموع، ووزعت الورود في أنحاء المنزل...وادارت ألحانا موسيقية رومانسية مما أضاف على البيت زهوة وسحرا وحبا...
قدم الزوج إلى زوجته هدية بمناسبة عيد زواجهما، إسواره من ذهب...فرحت الزوجة كثيرا بالهدية، وتشكرت زوجها على لطفه وذوقه...
قدمت الزوجة هدية له وقالت: لاحظت ذلك اليوم، عندما كنا في السوق، إنك حدقت طويلا إلى هذه السترة، وعرفت إنك احببتها وقررت أن أهديك إياها...
قال الزوج: صحيح هي جميلة ورائعة، لكنها غالية الثمن جدا.
قالت الزوجة: فليكن، ولمن نوفر المال يا حبيبي، لمن، لمن؟
تساقطت دموعها وأجهشت بالبكاء.
الزوج كان يعرف سبب بكاء زوجته المتكرر، كانت تتمنى أن يمنحهما الله ذرية تسعد حياتهما...لكن الطبيب قطع عليهما هذا الرجاء، وقال للأسف، زوجك عقيم لا ينجب.
بكت الزوجة بكاء مرا، في تلك الليلة.
قال الزوج أرجوك أن تسامحيني، سأطلب منك أمرا ...أرجوك تتقبليه رغم مرارته. أنت تعرفين كم أنا أحبك، أنت حياتي، ولكن من الأفضل أن ننفصل عن بعضنا البعض ونحن حبيبين، ونبقى صديقين كأخين، ربما أنت تتزوجين رجلا آخر، يستطيع منحك طفلا أو طفلين... ويحقق لك الذي لا أستطيع أنا أن أمنحك إياه...
جمدت الزوجة وجحظت عيناها وقالت: لماذا تريد أن تحطمني أكثر مما أنا محطمة، أنت حبيبي، وانت روحي، وأنا بدون وجودك أفقد كل المعاني ...
قال الزوج، لا بد من طريقة ما، ربما نتبنى طفلا؟
أو أي طريقة تختارين...
قالت الزوجة ولا بأي طريقة في الدنيا، الله لو أراد أن يهبنا ولدا لاعطانا، لكن مشيئته ألا يعطينا. وعلينا الإذعان إلى إرادته، دون حق الاعتراض...
ذلك المساء، جاءت الزوجة إلى محطة القطار تنتظر زوجها كالعادة.
تأخر القطار كثيرا، وهو عادة لا يتأخر ابدا، يصل دائما في تمام الوقت...خافت الزوجة وأخذت تصلي أن يصل القطار بأمان...
أخيرا، وصل القطار، لكن الزوج لم يصل فيه، وأخذت تتساءل أين زوجي؟
جاء معاون زوجها في قمرة القيادة، وقال متلعثا، هذه الرسالة كتبها زوجك، طلب مني أن اسلمك اياها وقال: سلامي إلى حبيبتي، وقفز من القطار.
أوقفت القطار، نزلت أنا، ونزل عدد من الركاب نبحث عن زوجك لكننا فشلنا، وكان لا بد لنا من متابعة الرحلة، لأن قطارا آخر يسير خلفنا، يستخدم ذات الخط...
تقول الرسالة: قررت أن أنهي حياتي وأنهي عذابك معي، أتمنى لك زوجا آخر يستطيع أن يمنحك ما عجزت أنا أن امنحك إياه...
انهارت الزوجة، وسقطت مغمى عليها، وعندما استفاقت وجدت نفسها بمكان غريب، عرفت إنها في مستشفى...
ذهبت إلى قسم الشرطة وطلبت منهم إيجاد زوجها حيا أو ميتا...
عجزت الشرطة عن إيجاد الزوج، وفقدت كلابهم أثر الرجل عند شاطئ النهر، فساد الاعتقاد بان الرجل مات في النهر غرقا كونه مصابا نتيجة القفز من القطار...
اسدلت الزوجة ستائر بيتها، وأغلقت أبواب قلبها، ولم تعد الشمس تدخل دارها، واظلمت حياتها...ولبس الحب في قلبها ثوب الحداد الدائم...
استمرت الزوجة في الوظيفة، وأيضا استمرت بالذهاب إلى محطة القطارات تبكي هناك وتنتظر عودة زوجها المفقود.
زميلات الزوجة الحزينة في العمل في يوم عطلة، أصروا أن يأخذوها معهم في رحلة إلى الجبل، حتى يتمتعوا بجمال الثلج الذي يغطي الدنيا التي تلبس ثوب عرسها، ويتمتعون لتمضية يوما يكسر خط روتين حياتهم...
بعض الشباب زملائهم في الرحلة، كانوا يصعدون بالتلفريك إلى قمة الجبل، يتزحلقون مستخدمين زحافات وعصي خاصة، وينزلون من قمة الجبل، إلى أسفل الوادي...
صعدت الزوجة مع زميلاتها بالتلفريك، كانت تتصنع ابتسامات خجولة مجروحة، لأنها حزينة الفؤاد بغياب حبيبها، لم تغادر بيتها يوما بعد غيابه. كانت تنتظره دائما تشعر بأنه حي...
في مقهى الجبل، حدثت المفاجأة المرعدة، وجدت الزوجة زوجها، يعمل نادلا في ذاك المقهى...
أصيبت الزوجة بصدمة افقدتها الوعي، حملها زوجها وصديقاتها إلى سرير داخل المقهى، وأخذ يرش الماء على وجهها. وعندما استعادت وعيها بالكامل، صفعت زوجها صفعة، سمع جبل الثلج صداها...
بعدها صارت تقبله بجنون، وعادا الى المنزل. فتحا النوافذ، ودخل نور الشمس إلى المنزل، وعاد هو يقود القطار، وعادت هي تنتظر عودته.. والجميل في القصة: تعالج الزوج واستعاد رجولته ورزقهما الله صبي وبنت...
مؤلف القصة: عبده داود
آذار 2022
قصة
تذهب الزوجة كل مساء إلى المحطة تنتظر زوجها ،سائق القطار، الذي يصل دائماً على الوقت، تستقبله بالقبل وتقله بسيارتها إلى المنزل...
يأخذ الرجل حمامه الدافئ، وبعدها يجلسان إلى طاولة العشاء، ويتبادلان الأحاديث حول مجريات النهار، او يشاهدان التلفاز...
حياتهما حب واستقرار وسلام، كلاهما متفان في اسعاد الآخر، شريك عمره...
هذان الحبيبان، متزوجان منذ خمس سنوات...في عيد زواجهما الأخير، رتبت الزوجة طاولة الطعام، زينتها بالشموع، ووزعت الورود في أنحاء المنزل...وادارت ألحانا موسيقية رومانسية مما أضاف على البيت زهوة وسحرا وحبا...
قدم الزوج إلى زوجته هدية بمناسبة عيد زواجهما، إسواره من ذهب...فرحت الزوجة كثيرا بالهدية، وتشكرت زوجها على لطفه وذوقه...
قدمت الزوجة هدية له وقالت: لاحظت ذلك اليوم، عندما كنا في السوق، إنك حدقت طويلا إلى هذه السترة، وعرفت إنك احببتها وقررت أن أهديك إياها...
قال الزوج: صحيح هي جميلة ورائعة، لكنها غالية الثمن جدا.
قالت الزوجة: فليكن، ولمن نوفر المال يا حبيبي، لمن، لمن؟
تساقطت دموعها وأجهشت بالبكاء.
الزوج كان يعرف سبب بكاء زوجته المتكرر، كانت تتمنى أن يمنحهما الله ذرية تسعد حياتهما...لكن الطبيب قطع عليهما هذا الرجاء، وقال للأسف، زوجك عقيم لا ينجب.
بكت الزوجة بكاء مرا، في تلك الليلة.
قال الزوج أرجوك أن تسامحيني، سأطلب منك أمرا ...أرجوك تتقبليه رغم مرارته. أنت تعرفين كم أنا أحبك، أنت حياتي، ولكن من الأفضل أن ننفصل عن بعضنا البعض ونحن حبيبين، ونبقى صديقين كأخين، ربما أنت تتزوجين رجلا آخر، يستطيع منحك طفلا أو طفلين... ويحقق لك الذي لا أستطيع أنا أن أمنحك إياه...
جمدت الزوجة وجحظت عيناها وقالت: لماذا تريد أن تحطمني أكثر مما أنا محطمة، أنت حبيبي، وانت روحي، وأنا بدون وجودك أفقد كل المعاني ...
قال الزوج، لا بد من طريقة ما، ربما نتبنى طفلا؟
أو أي طريقة تختارين...
قالت الزوجة ولا بأي طريقة في الدنيا، الله لو أراد أن يهبنا ولدا لاعطانا، لكن مشيئته ألا يعطينا. وعلينا الإذعان إلى إرادته، دون حق الاعتراض...
ذلك المساء، جاءت الزوجة إلى محطة القطار تنتظر زوجها كالعادة.
تأخر القطار كثيرا، وهو عادة لا يتأخر ابدا، يصل دائما في تمام الوقت...خافت الزوجة وأخذت تصلي أن يصل القطار بأمان...
أخيرا، وصل القطار، لكن الزوج لم يصل فيه، وأخذت تتساءل أين زوجي؟
جاء معاون زوجها في قمرة القيادة، وقال متلعثا، هذه الرسالة كتبها زوجك، طلب مني أن اسلمك اياها وقال: سلامي إلى حبيبتي، وقفز من القطار.
أوقفت القطار، نزلت أنا، ونزل عدد من الركاب نبحث عن زوجك لكننا فشلنا، وكان لا بد لنا من متابعة الرحلة، لأن قطارا آخر يسير خلفنا، يستخدم ذات الخط...
تقول الرسالة: قررت أن أنهي حياتي وأنهي عذابك معي، أتمنى لك زوجا آخر يستطيع أن يمنحك ما عجزت أنا أن امنحك إياه...
انهارت الزوجة، وسقطت مغمى عليها، وعندما استفاقت وجدت نفسها بمكان غريب، عرفت إنها في مستشفى...
ذهبت إلى قسم الشرطة وطلبت منهم إيجاد زوجها حيا أو ميتا...
عجزت الشرطة عن إيجاد الزوج، وفقدت كلابهم أثر الرجل عند شاطئ النهر، فساد الاعتقاد بان الرجل مات في النهر غرقا كونه مصابا نتيجة القفز من القطار...
اسدلت الزوجة ستائر بيتها، وأغلقت أبواب قلبها، ولم تعد الشمس تدخل دارها، واظلمت حياتها...ولبس الحب في قلبها ثوب الحداد الدائم...
استمرت الزوجة في الوظيفة، وأيضا استمرت بالذهاب إلى محطة القطارات تبكي هناك وتنتظر عودة زوجها المفقود.
زميلات الزوجة الحزينة في العمل في يوم عطلة، أصروا أن يأخذوها معهم في رحلة إلى الجبل، حتى يتمتعوا بجمال الثلج الذي يغطي الدنيا التي تلبس ثوب عرسها، ويتمتعون لتمضية يوما يكسر خط روتين حياتهم...
بعض الشباب زملائهم في الرحلة، كانوا يصعدون بالتلفريك إلى قمة الجبل، يتزحلقون مستخدمين زحافات وعصي خاصة، وينزلون من قمة الجبل، إلى أسفل الوادي...
صعدت الزوجة مع زميلاتها بالتلفريك، كانت تتصنع ابتسامات خجولة مجروحة، لأنها حزينة الفؤاد بغياب حبيبها، لم تغادر بيتها يوما بعد غيابه. كانت تنتظره دائما تشعر بأنه حي...
في مقهى الجبل، حدثت المفاجأة المرعدة، وجدت الزوجة زوجها، يعمل نادلا في ذاك المقهى...
أصيبت الزوجة بصدمة افقدتها الوعي، حملها زوجها وصديقاتها إلى سرير داخل المقهى، وأخذ يرش الماء على وجهها. وعندما استعادت وعيها بالكامل، صفعت زوجها صفعة، سمع جبل الثلج صداها...
بعدها صارت تقبله بجنون، وعادا الى المنزل. فتحا النوافذ، ودخل نور الشمس إلى المنزل، وعاد هو يقود القطار، وعادت هي تنتظر عودته.. والجميل في القصة: تعالج الزوج واستعاد رجولته ورزقهما الله صبي وبنت...
مؤلف القصة: عبده داود
آذار 2022
تعليقات
إرسال تعليق