التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مجلة آفاق الأدب / فك رقبة /الأديب محمد الدولتلي

الأديب محمد الدولتلي

قصة قصيرة
فك رقبة
أغمضت عينيها متلاشية مشهد غرفة العمليات وأصوات همهمات الطاقم الطبي حولها في محاولة لاستعادة بعض الهدوء لنفسها التي سيطر عليها الرعب القاتل.
حاولت شغل تفكيرها ببعض الذكريات القديمة التي لطالما كانت ترسم البسمة على وجهها، ذكريات محاولاته المستميتة للتقرب منها ونظرات الهيام التي كانت تفضح مشاعره تجاهها، كم كانت كلماته تهز وجدانها، طاف بها مشهد عينيه التي كانت لا تضحك الا لها. 
 تذكرت سعادة الدنيا وهو يحمل اول أطفالهما بين يديه وكانه قابضا على الدنيا باسرها، كم ضحكوا معا مخففين وقع أزمات المعيشة على بعضهم، كم بكى بين أحضانها التي كانت هي الملجأ الوحيد لبكائه المكتوم.
لم تستطع طرد باقي النظرات هذه المرة من رحلة ذكرياتها، النظرات التي تغيرت بقسوة عندما ترهل جسدها الذي استهلكته الحياة حتي أمست تكره النظر لنفسها في المرآة بل باتت تكره نفسها التي صغرت في عينيه، كانت كل نظرة زائغة لمن لم تحمل من الحياة حملها و لا يزال جمالها بكرا تفعل فعل النصال في نياط قلبها المنهك.
رغم تحذير الأطباء من خطورة العملية التي سوف تعيد لها ما فقدته من نظرات العشق في عينيه علي حياتها، أصرت عليها فالموت أهون على قلبها المحطم من العيش كشبه امرأة منقوصة أنوثتها في عينيه.
انتبهت لصوت الطبيب يسألها ان كانت جاهزة للبدء .
فتحت عينيها التي تحولت نظرتها الي عزم جديد عليها طاردة دموع الأسر التي قيدتها طوال هذه الأيام التي كانت تأخذ منها دون عطاء، ترجلت من فوق السرير وسط دهشة الطاقم قائلة، نعم انا الآن فقط جاهزة لأبدأ، بدون العملية.
الكاتب / محمد الدولتلي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مجلة آفاق الأدب / بائع الجرائد / الشاعرة شذى البراك

الشاعرة شذى البراك  بائع الجرائد بين الحرب والسلام.. أحمل خطاي المتثاقلة.. أتأبط شره الكوارث.. ودموع الثكالى.. وأبراج الأحلام الوهمية.. في صحفي.. جراح كنصال في خاصرة الزمن.. حيث وطني المعلق بسارية من دماء.. ورياح التطرف غراس اشتهاء يبيع الانتماء في أسواق النخاسة.. وفي سطوري بات إيقاع الحياة سريعا.. يموج بواقع مضطرب..  مهووس  فلم تعد للسلام أجنحة يحلق بها.. وصار يشكو هويته الضائعة.. والفوضى أعتى من أسلحة الدمار الشامل.. والقلوب تقتل بنيران صديقة..

من أنت أبها الطير / الشاعر غازي القاسم

 وقالت :- مِن أينَ أنتَ أيّها الطير ؟  وقلت :- أنا طيرٌ مِن بِلادِ السَلامِ  وَلَمْ يزُرْهَا السَلامُ بَعدْ  أنا مِن تَحت ظِلالِ أشْجارٍ  تَحْتَها تَفَيأَ الأنْبياءُ  لَم تُمْطرٰ السَماءُ هُناكَ بَعد  أنا مِن بِلادٍ تَكْتُبُ التَاريخَ بِالدَّمِ  فيها مات المُسْتحيلُ  تُلوَ المُستحيلِ  أنا مِن بِلادٍ يُحَارِبونَ كَيّ  يَنْتَصِرَ الجُرْحُ عَلَى السِكينِ  أُغْنيتي شَهقَةُ شَهيدٍ  لا ينتسبُ لِلمَوْتِ  يَرْسُمُ في السَماءِ سَحَابَةَ مَطَرٍ  تنبتُ قَمْحَ حَياةْ  أنا طيرٌ أبَدِّيُ التَحليقِ  صُعوداً مِن هَاوِيَةٍ إلى هاَوِيَة  أنا طَيْرٌ لَهُ تَرانِيمٌ  مِن وَقْعِ خُطى الغُزاةِ  وَصَرْخَةِ الخَطَايا  أنا أُغْنِيةُ طـفْلٍ يَرْفَعُ شَارَةَ نَصْرٍ  وَعَلَماً وَحَجَراً  وأنا لَوْعةُ الأُمِ تَشمُ قَميصَ شَهيدِها  وَلَوْعَةُ طِفْلَةٍ تَيَتَّمت عَلَى بَابِ العِيدِ  أنا تَغْريدَةُ  مَوتِ الموتِ في الموتِ  شَهْقةَ حَياةْ  غازي القاسم

مجلة آفاق الأدب _____ على صراط البينات _____ الشاعر شاه ميران

على صراط البينات  رقعت ثياب نعاسي  بخيوط يديكِ  كنت رثاً  مثل وصايا العجائز  اتغير بأستمرار  قايضت جبيناً بشمس الظهيرة  ظننت بأنني خسرت الاف اميال الدفء  و قمح ما بين عقد الحاجبين  مر قبالة فمي  من غير وداع حاصد  حلمت بالجوع كثيراً  حتى اخذتني رياح شعر مسترسل  الى قارات لم تكتشف  انتِ ، بردية ندى متحولة عطراً يتعطر بدجاه ترغمين الكون كسلاً في رأسي  ثم تبعثرين الأوراق قبل ملئها  مس عنقي اشباح اظافرك المبتذلة  و انا مزدحم بآواصر اللاوعي  فعمري الآن  لا يتعدى رقصة تحت المطر  و طفلة خيال تتأرجح  في باحة اشعاري الخلفية  كيف تحتملين خرائب صدري  و معارك الشخير المنهزم  من ميادين الرئة  لست ساكناً حراً  بل على تماس مع  تفعيلات مبسمكِ الضوئي  كرحلة الأنجم  هيت لكِ طوداً  سيغفوا فوق حقول القطن  تاركاً رموز قصيدة مختمرة  حتى يستفيق  قديم انا  مثل غبار يغطي سطح كتب الشعوذة  ساذج الرد  كصخرة جليدية  تهمل العوالق قضيتي...