التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مجلة آفاق الأدب / ثقافة الطبقة الوسطى / الكاتب د. علوى القاضى



الكاتب د. علوى القاضى
!!،،ثقافة الطبقة الوسطى،،!!
بقلمى : د/علوى القاضى.
... دعاني لحضور زفاف إبنه وطلب منى من باب الفخر الحضور بسيارتى ال 《 فيات ١٢٨ موديل ١٩٧٣ 》
... وكانت السيارة متواضعة جدا وتكاد توصلني لمكان الحفل وربنا يستر عند العودة فهى تحتاج بلغة الميكانيكي ( كبالن وإصلاح الموتور ودهان بعض الأجزاء ولحام بعض الإطارات وإصلاح بعض الكراسي ) 
... وفى اليوم المحدد الحمد لله هممت بإدارة السيارة وقيادتها بعد معاناة
... ولأن منزل صاحبنا فى أطراف المدينة ، حيث البيوت الجديدة والغير منتظمه العشوائية فى الأراضى المحيطة بالمدينه فقد استلمت طريق منتصف المدينه وصولا لمنزل العريس
... ولسوء الطالع إضطرتني الظروف واضطرني سوء حظى أن أمر من داخل حي شعبى عشوائى مرعب من أحياء المدينة  
... لاحظت أن سكان الحي فقراء جدا ولم يعتادوا أن يشاهدوا سيارة فى حيهم ، فأغناهم يملك عجلة لذلك كانوا ينظرون إلي نظرة شراسة وتنمر وتوعد وكأننى أخطأت فى حقهم وأهنتهم ودخلت عليهم بمالا يستحقونه  
... وكانت النساء ترمقنني في شك وريبة من أمرى وكراهية لمستواي الإجتماعى وكأننى أثرت فيهم مكنون الحقد والغل والكراهية 
... ولم أسلم من الأطفال فكانوا يركضون خلفي طمعا فى لمس السيارة أحيانا ، وأحيانا أخرى يحافظون على مسافة معقولة خوفا مني ، وأحيانا أخرى يقذفون السيارة بالحجارة وكأنهم رأوا عدوا أو محتلا ورغم ذلك فإن الفضول يمنعهم من الإبتعاد عنى 
... وهنا أصابنى الغرور والتفاخر وأحسست أنني أبدو أنيقًا ومتكبرا ومتغطرسًا أكثر من اللازم وأكثر مما يستريحون له وتعودوا عليه ولأنهم لم يتعودوا أن يشاهدوا هذا النمط من البشر
... وبعد قليل وبعد معاناه نفسية نجوت من هذه المغامرة دون أذى اللهم إلا بعض الخدوش فى السيارة خلاف ماكان فيها
... حضرت الإحتفال وهنأت أصحاب الفرح جميعا وعدت أدراجى
... وكالعادة بعد أسبوع نذهب لما يسمى بالصباحية على العريس من باب رد المجامله
 ... وكان علي أن أقابل صديقا ليلازمنى فى طريقى لمنزل العريس
... ولكنه كان يسكن في أحد أحياء المدينة شديدة الرقي والثراء حيث السيارات الفارهة من أحدث موديل ، والتى بدت سيارتي بجوارها أقرب إلى صندوق قمامة قديم أو كشك لبيع السجائر
... لاحظت نظرات الإستغراب والدهشة والعدائية التي يصوبها لي كل من ألقاه هناك 
... وعندما أردت دخول تلك العمارة التى يسكنها صديقى إستوقفني حارس الأمن ليعرف من أنا بالتفصيل 
... نظرت لصورتي في الرخام على الجدار خلف الحارس فعرفت السبب 
... فأنا أبدو رث الثياب متواضع الهيئه غير منظم الشعر مريبًا وفقيرًا أكثر من اللازم بالنسبة لهم خلاف مستوى السيارة
... وهكذا عرفت أنني أنتمي للطبقة الوسطى في كل شيء السيارة والهيئة والحالة الاقتصادية و . و . و .
... فأنا مغضوب علي ، ليس لي مكان لا في مجتمع الأثرياء ولا فى مجتمع الفقراء المعدومين الكل لا يقبلني فظهورى بينهم يؤلمهم كل حسب فلسفته فى الحياة   
... ومن سمات هاتين الطبقتين أنه :
... لو هددك أحدهم وأنت في حى الأثرياء فلا مشكلة لأن البودي جارد الخاص بك ، أو رجال أمن الكومباوند سوف يحيطون بك لحمايتك والدفاع عنك 
... ولو هددك أحدهم وأنت في حى الفقراء سوف يحيط بك أفراد عصابتك المسلحون بالعصي والجنازير وزجاجات الحمض ( مياه النار ) والسنج وقرن الغزال لحمايتك
... أما عندما تكون من الطبقة الوسطى فأنت ستُضرب في كل الأحوال سواء من طبقة الأثرياء أو من طبقة الفقراء المعدمين 
... أخى الكريم : مشكلة أن تكون رجلاً من الطبقة الوسطى مشكلة أزلية وعويصة جدا
... في علم الإجتماع ، نحتاج إلى مقال تفصيلى وتحليلى لهذه الظاهرة ، فأنت أيها الوسطى مكروه ومرفوض من كلا الطبقتين لأسباب عدة منها : النفسية ، والفلسفية ، والمادية ، والإقتصادية ، والفكرية ، حتى العادات والتقاليد 
... لكنني فى هذا المقام مكبل اليدين فلن أستطيع المرور علي هذه الأسباب كلها مر الكرام كما يفعل القارئ دون إستقراء واستنباط وشرح وتوضيح واقتراح الحلول 
... ولن أستطيع كتابة هذه الدراسة التحليلية فلها أكاديمية متخصصة تتكلم عنها 
... لأنني في الوسط بالضبط بين القارئ والأكاديمى
... فانظر ماذا تريد أن تكون
... تحياتى ...

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مجلة آفاق الأدب / بائع الجرائد / الشاعرة شذى البراك

الشاعرة شذى البراك  بائع الجرائد بين الحرب والسلام.. أحمل خطاي المتثاقلة.. أتأبط شره الكوارث.. ودموع الثكالى.. وأبراج الأحلام الوهمية.. في صحفي.. جراح كنصال في خاصرة الزمن.. حيث وطني المعلق بسارية من دماء.. ورياح التطرف غراس اشتهاء يبيع الانتماء في أسواق النخاسة.. وفي سطوري بات إيقاع الحياة سريعا.. يموج بواقع مضطرب..  مهووس  فلم تعد للسلام أجنحة يحلق بها.. وصار يشكو هويته الضائعة.. والفوضى أعتى من أسلحة الدمار الشامل.. والقلوب تقتل بنيران صديقة..

من أنت أبها الطير / الشاعر غازي القاسم

 وقالت :- مِن أينَ أنتَ أيّها الطير ؟  وقلت :- أنا طيرٌ مِن بِلادِ السَلامِ  وَلَمْ يزُرْهَا السَلامُ بَعدْ  أنا مِن تَحت ظِلالِ أشْجارٍ  تَحْتَها تَفَيأَ الأنْبياءُ  لَم تُمْطرٰ السَماءُ هُناكَ بَعد  أنا مِن بِلادٍ تَكْتُبُ التَاريخَ بِالدَّمِ  فيها مات المُسْتحيلُ  تُلوَ المُستحيلِ  أنا مِن بِلادٍ يُحَارِبونَ كَيّ  يَنْتَصِرَ الجُرْحُ عَلَى السِكينِ  أُغْنيتي شَهقَةُ شَهيدٍ  لا ينتسبُ لِلمَوْتِ  يَرْسُمُ في السَماءِ سَحَابَةَ مَطَرٍ  تنبتُ قَمْحَ حَياةْ  أنا طيرٌ أبَدِّيُ التَحليقِ  صُعوداً مِن هَاوِيَةٍ إلى هاَوِيَة  أنا طَيْرٌ لَهُ تَرانِيمٌ  مِن وَقْعِ خُطى الغُزاةِ  وَصَرْخَةِ الخَطَايا  أنا أُغْنِيةُ طـفْلٍ يَرْفَعُ شَارَةَ نَصْرٍ  وَعَلَماً وَحَجَراً  وأنا لَوْعةُ الأُمِ تَشمُ قَميصَ شَهيدِها  وَلَوْعَةُ طِفْلَةٍ تَيَتَّمت عَلَى بَابِ العِيدِ  أنا تَغْريدَةُ  مَوتِ الموتِ في الموتِ  شَهْقةَ حَياةْ  غازي القاسم

مجلة آفاق الأدب _____ على صراط البينات _____ الشاعر شاه ميران

على صراط البينات  رقعت ثياب نعاسي  بخيوط يديكِ  كنت رثاً  مثل وصايا العجائز  اتغير بأستمرار  قايضت جبيناً بشمس الظهيرة  ظننت بأنني خسرت الاف اميال الدفء  و قمح ما بين عقد الحاجبين  مر قبالة فمي  من غير وداع حاصد  حلمت بالجوع كثيراً  حتى اخذتني رياح شعر مسترسل  الى قارات لم تكتشف  انتِ ، بردية ندى متحولة عطراً يتعطر بدجاه ترغمين الكون كسلاً في رأسي  ثم تبعثرين الأوراق قبل ملئها  مس عنقي اشباح اظافرك المبتذلة  و انا مزدحم بآواصر اللاوعي  فعمري الآن  لا يتعدى رقصة تحت المطر  و طفلة خيال تتأرجح  في باحة اشعاري الخلفية  كيف تحتملين خرائب صدري  و معارك الشخير المنهزم  من ميادين الرئة  لست ساكناً حراً  بل على تماس مع  تفعيلات مبسمكِ الضوئي  كرحلة الأنجم  هيت لكِ طوداً  سيغفوا فوق حقول القطن  تاركاً رموز قصيدة مختمرة  حتى يستفيق  قديم انا  مثل غبار يغطي سطح كتب الشعوذة  ساذج الرد  كصخرة جليدية  تهمل العوالق قضيتي...