التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مجلة آفاق الأدب /قراءة تأويلية لنص الموت لذيذ جدا/الناقد هشام صيام



الناقد و الشاعر هشام صيام

 القراءة التأويلية لنص الموت لذيذ جداً
==============
الموت لذيذ جدا

من قال..
 أن الموتَ لامذاق له
الموتُ لذيذٌ جدا..
كمذاقِ نكهةِ قرنفلٍ
أصبح الموتُ آمناً لمن لامأوى له
الموتُ سُنّةُ إلهية
لامفرّ من رحيم قراره
تربعَ الموتُ على كتفي
ترجو اللقاءَ في ذروة أنيني
رغم الجراحِ تبتسمُ ملامحي 
اقتربي قليلا..
أريد أن أهمسَ في أذنيك
همسةَ اللقاء المُحْتَضَرِ
أستلقي على فراش الرحيل
وسأنصبُ خيمةَ عزاءٍ
 في أبهى لوحة 
لقد رستْ مراكبي على مرافىء المقابر
ما بعد حفيدِ الموتِ المنتظر
في طابور الوَداع
اقتربي قليلا..
لكي أنفردَ بك قبل سفري
لتسمعي كيف يعزفُ لك 
وترُ قلبي سمفونية العشق 
اقتربي أكثر فأكثر..
الموتُ قريبٌ جدا 
سوف أودّعك أمانة عندك..!
قبليني في منتصف جبيني
فارحلي بي.. لفراش أعددته لي مسبقا
وألبسيني كسوة أنيقة
ثم ايقظيني قسرا
كي أؤديَ فريضةَ مناجاتي
رجاءً.. لا تفوت عليّ قبلةُ صلاتي..!

سمير كهيه اوغلو 
العراق

إستهلال منذ عتبة العنونة باطروحة لا تحمل نكهة الخوف من أمر غيبي بقدر ما تحمل لمحة من التهكم على من يسمى مفرق الجماعات في حد إنزياح ما بين أثر الموت على المرء وما يحيطه وبين تعبير / الموت لذيذ جدا / هي حد مفارقة داهشة المثول الرؤيوي منذ العنونة ليصاب المتلقي بالصدمة منذ البداية في طرقة تحفيزية تحمله على متابعة القراءة ليسبر غور الحبر ،
لنبدأ مصافحة العتبة بعكاز إستفهام / من قال / 
مع حرف جر يسعى في حلوليته للتفسير ـ وهو ما تم تركه من أثر بالفعل ـ والتبعيض وتشي به مفردة قال والتي تسقط على فرد أو جماعة صغيرة تبنت الطرح ـ
ليحملنا إلى إنزياح جديد ما بين الشيء وضدة يتم استقدام العنونة في تشكيل اخر عبر عكاز الإستفهام لتصبح حد إجابة لسؤال تقريري المثول لا يريد إجابة عليه فهو مجرد حضور زائف لسؤال يطرح لمجرد جذب الانتباه ،
/ من قال ..
أن الموت لا مذاق له ؟ /
لتأتي الإجابة محملة بانزياح يسقط على حالة من نكران تلك الحياة ومحاولة التملص منها حد استعذاب الموت لا لشيء سوى انه فقد احلامه مع من يحب وهذا في حد ذاته يحمل طابع الموت ،
في مشهد تصويري حول ناموس كوني إلى مجسد - فاكهة مثلا - لها مذاق في تجسيد لمعنوي صاحب أثر في توافق مع حضورية الموت وما يتركه من غِصة المرار في النفوس ومن تلك الرؤية التصويرة كانت المفارقة ما بين السؤال والإجابة في تنامي منح الموت طعم اللذة أيضا في مفارقة مع تعبير وقر في ضميرنا الجمعي من كونه " هادم الملذات "
/ كمذاق نكهة القرنفل / 
هنا وصل التنامي التصويري مداه مع توافقية غير عادية وحضور القرنفل الحياتي وما يتركه من خدر يمنع الشعور بالألم لمن يتذوقه مع هذا العطر المنساب من مسمار القرنفل ،
في توافق تام مع انسلاخ المرء من عالمه عقب انسلاخ الروح فلا يشعر بألم جسدي أو معنوي، وأيضا العطر الذي تركته مفردة القرنفل يتوافق مع حنوط التكفين ،
هي صورة قوية دقيقة التوافق وتسقط على ما يعقب الموت من إنسلاخ تام عن مؤثرات تلك الحياة بكل ما بها من عذابات وعوائد في رمزية لموت الأماني في الغد ،
/ آمنا لمن لا مأوى له / 
لحظة مشهدية تحمل عودة القربان إلى واهبه كظاهر المشهد ،
عودة سليل الطين إلى الثرى ليدفن بها وكأن الموت هو السبيل الذي يصل به من دار المكابدة - هي دار عمل وعبادة - لظروف بطل الحبر الذي يشعر بعدم الأمن والطمأنينة إلى مستقر الأمان ،
ثم ختام بديع لتلك العتبة وإقرار تام بسنن المولى عز وجل/ الموت سنّة إلهية / ومنها الموت ووضع تناصية مستترة مع الآية الكريمة ( أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشهدة ) وتعبير / لا مفر من رحيم قراره / فلا مفر من قضاء الله ،
وفي صورة مترفة / تربع الموت على كتفي / تم بها تحوير المعنوي - الموت - إلى مؤنسن يتوسد كتف بطل الحبر مع تحوير جزء من المؤنسن إلى مجسد جمادي مكاني يتربع عليه الموت ،
في إسقاط دامغ المثول عبر ياء التخصيص في مفردة / كتفي / التي تحمل نظر المتلقي إلى مطارحة لحظات نهاية لمرحلة قد تصبح الخاتمة في حياة رجل الحبر ،
الأمر حتى الآن لا يحملنا نحو مطارحة فكرة الموت كحقيقة ولكن هي حضورية المجاز ورمزية الموت التي تحمل في حضورها النهاية ،
يؤكد هذا تعبير في ما قبل ختام مقطع ـ بعد لم نلج يمه ـ / اللقاء المحتضر / والتي تضع أنامل المتلقي على شهادة وفاة وصل بين صب وصبابته فهي رمزية لوفاة الأحلام ،
يؤكدها أيضا كتأويل تعبير/ ما بعد حفيد الموت المنتظر/ عبر التقديم الذي أوحى بموت سابق واخر يأتي بعده فالموت الأول هو انتهاء تلك القصة بنفوق الأحلام والأمنيات والذي يدشن له منذ العتبة واشم الحروف بأسلوب مستتر لتصبح بهذا التعبير وانقشاع التضبيب الخاص بالمعنى تلك النكهة اللذيذة للموت هي الانسلال من الحياة عقب الموت الحقيقي - فناء الأمل في قصة الهوى - تماما كما نقول فلان مات قبل أن يموت بسنوات عندما حدث كذا وكذا ،
فالموتى الأحياء ينشد كل منهم الخلاص بالموت الحقيقي ليتخلص من الحياة بدون الأمل في الغد ،
النص اعتمد التركيب التصويري طويل المدى بحيث يظل يتأرجح حتى يصل إلى المراد الحقيقي وإن وضع مقدمات تشي بماضي مستتر قبل أن يلج حاضر المشهد ،
كما في تعبير  
/ ترجو اللقاء في ذروة أنيني / 
هنا نحن أمام لمحة فلاش باك عن محاولة اللقاء وقت احتدام الخلاف في معالجة تصويرية لحوار العتاب بحضورية تحمل نكهة صوتية وتعبير / ذروة أنيني / مع حضور الرجاء / ترجو / لرأب الصدع، 
ليتسيد تعبير / اللقاء المحتضر / المشهد وعند اجتماع المقدمة مع تلك الخاتمة نحن أمام حوار به نكهة الوداع فاحتضار اللقاء يعني الانتهاء وقد يكون نهائي يحمل التنائي أو مجرد وقتي فهو حد انتهاء لحوار قد يعقبه عند هدوء العاصفة لقاء اخر ،
يؤكد هذا التأويل تعبير أراه خاتمة للقطفة / رغم الجراح تبتسم ملامحي/ فالجراح لا تأتي بأثر حضورها سوى بعد انتهاء الموقف ويأتي الاثر بكل الوضوح والتأثير وعندما يترفع صاحب الجرح عن آثاره / تبتسم ملامحي / يصبح هناك بادرة عودة لحوار لتنقلب الموازين كلها بغتة لتتحول تعبيرية/ اللقاء المحتضر / عقب مثول / اقتربي قليلا .... / ثم تعبير / أريد أن أهمس في أذنيكِ / إلى مهادنة ما بعد ذروة الانفعال فالتحدث بالهمس في أذن الحبيبة لا يتم في لحظات الشد والجذب ولكن في لحظات ذبول جذوة نار الخلاف ،
لتصبح/ همسة اللقاء الاخير / هنا هي إسقاط على ما تمنى وتمنت أن يكون من مصالحة وقت احتدام الخلاف، 
في تصوير بديع في تحوير الأنين من حلوله الصوتي لتجسيد مكاني يفيد العلو أو الارتفاع مع حلولية زمانية تشي بلحظات تأجج بها الغضب في توافق تام مع المشهد ،
مع إنزياح ما بين / الجراح و تبتسم / في إسقاط على تلاشي الشجن فالجميع بينهما ها هنا منح الجراح صك تنحية فرضها الابتسام، 
ثم تحوير زمكانية / اللقاء / إلى تشخيص مؤنسن يحتضر وفي سبيلة للفناء في توافق ما بين الصورة المشهدية وبين مرور الوقت الزماني لينتهي أي لقاء وبحلول الانتهاء الزماني يصبح المكان أيضا مجرد ذكريات يعودها المرء أو لا يقترب منها في مشهد زمكاني منصرف تحت عنونة اللقاء ،
ثم ختام يؤكد ما كان من تأويل 
مع فعل أمر يحمل رجاء / فارحلي بي / وكأنها بعودتها ستأخذه نحو عالم اخر غير الهجر عالم دشنه ليجمعهما قبل اشتعال الغياب / لفراش أعددته لي مسبقا / وفي طلب به دهاء يطلب منها ان لا تغض الطرف عن إبداء عواطفها التي تكنها له / والبسيني كسوة أنيقة/ فأبهى ما يتدثر به القلب العاشق هو تصريح الهوى من الحبيبة خاصة في حالة الهجر تلك، 
/ ثم ايقظيني قسرا / 
طلب اخير يحمل ماهية آدم والعناد وماهية حواء التي يحاول تحفيز الدهاء بها لكي تتخطى هذا العناد الذكوري فتسلبه إياه عنوة في رمزية الغفوة ،
فنحن أمام محاولة لمجابهة الدهاء بالدهاء واللعب على وتر الحنان عند حواء/ اقتربي قليلا لانفرد بكِ قبل سفري/ و / الموت قريب جدا / وبينها/ اقتربي لتسمعي سمفونية العشق / لتكتمل الدائرة ورمزية الموت الحقيقي الذي يعقب الموت إبّان الحياة ليحدث هذا المزج ما بين فناء الأحلام - التي تريد أن تصبح كاسطورة الفينيق- وبين التلويح بالموت الحقيقي لهز جذع الحنان الانثوي في مروج قلبها، 
أسلوب بديع نراه خلف ظاهرية حلول المعاني في مرايا الحبر ،
ليختتم هذا الرجاء في تناص ونُسك من العبادة وقبلة ييمم شطره إليها ،
في مشهد وضع النجوى وكأنها نُسك في محراب في توافق ما بيت / مناجاتي و صلاتي / عبر ياء التخصيص فالصلاة كمعنى هي الدعاء والدعاء في معظم الوقت سر بين العبد وربه تماما كما نجواي التي تعني الهمس إلى الاخر بأن يسر له بما في نفسه سواء همس محبة أو عتاب أو هموم اعترته ،
ليحملنا التناص نحو إسقاط على ماهية قرب الحبيبة من نفس بطل الحبر وما لوصلها من أهمية له ،

النص حمال أوجه ويحتمل التأويل ما بين الظاهر والباطن ويظل المعنى الأدق في رحم واشم الحبر ،
مودتي 

هشام صيام

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مجلة آفاق الأدب / بائع الجرائد / الشاعرة شذى البراك

الشاعرة شذى البراك  بائع الجرائد بين الحرب والسلام.. أحمل خطاي المتثاقلة.. أتأبط شره الكوارث.. ودموع الثكالى.. وأبراج الأحلام الوهمية.. في صحفي.. جراح كنصال في خاصرة الزمن.. حيث وطني المعلق بسارية من دماء.. ورياح التطرف غراس اشتهاء يبيع الانتماء في أسواق النخاسة.. وفي سطوري بات إيقاع الحياة سريعا.. يموج بواقع مضطرب..  مهووس  فلم تعد للسلام أجنحة يحلق بها.. وصار يشكو هويته الضائعة.. والفوضى أعتى من أسلحة الدمار الشامل.. والقلوب تقتل بنيران صديقة..

من أنت أبها الطير / الشاعر غازي القاسم

 وقالت :- مِن أينَ أنتَ أيّها الطير ؟  وقلت :- أنا طيرٌ مِن بِلادِ السَلامِ  وَلَمْ يزُرْهَا السَلامُ بَعدْ  أنا مِن تَحت ظِلالِ أشْجارٍ  تَحْتَها تَفَيأَ الأنْبياءُ  لَم تُمْطرٰ السَماءُ هُناكَ بَعد  أنا مِن بِلادٍ تَكْتُبُ التَاريخَ بِالدَّمِ  فيها مات المُسْتحيلُ  تُلوَ المُستحيلِ  أنا مِن بِلادٍ يُحَارِبونَ كَيّ  يَنْتَصِرَ الجُرْحُ عَلَى السِكينِ  أُغْنيتي شَهقَةُ شَهيدٍ  لا ينتسبُ لِلمَوْتِ  يَرْسُمُ في السَماءِ سَحَابَةَ مَطَرٍ  تنبتُ قَمْحَ حَياةْ  أنا طيرٌ أبَدِّيُ التَحليقِ  صُعوداً مِن هَاوِيَةٍ إلى هاَوِيَة  أنا طَيْرٌ لَهُ تَرانِيمٌ  مِن وَقْعِ خُطى الغُزاةِ  وَصَرْخَةِ الخَطَايا  أنا أُغْنِيةُ طـفْلٍ يَرْفَعُ شَارَةَ نَصْرٍ  وَعَلَماً وَحَجَراً  وأنا لَوْعةُ الأُمِ تَشمُ قَميصَ شَهيدِها  وَلَوْعَةُ طِفْلَةٍ تَيَتَّمت عَلَى بَابِ العِيدِ  أنا تَغْريدَةُ  مَوتِ الموتِ في الموتِ  شَهْقةَ حَياةْ  غازي القاسم

مجلة آفاق الأدب _____ على صراط البينات _____ الشاعر شاه ميران

على صراط البينات  رقعت ثياب نعاسي  بخيوط يديكِ  كنت رثاً  مثل وصايا العجائز  اتغير بأستمرار  قايضت جبيناً بشمس الظهيرة  ظننت بأنني خسرت الاف اميال الدفء  و قمح ما بين عقد الحاجبين  مر قبالة فمي  من غير وداع حاصد  حلمت بالجوع كثيراً  حتى اخذتني رياح شعر مسترسل  الى قارات لم تكتشف  انتِ ، بردية ندى متحولة عطراً يتعطر بدجاه ترغمين الكون كسلاً في رأسي  ثم تبعثرين الأوراق قبل ملئها  مس عنقي اشباح اظافرك المبتذلة  و انا مزدحم بآواصر اللاوعي  فعمري الآن  لا يتعدى رقصة تحت المطر  و طفلة خيال تتأرجح  في باحة اشعاري الخلفية  كيف تحتملين خرائب صدري  و معارك الشخير المنهزم  من ميادين الرئة  لست ساكناً حراً  بل على تماس مع  تفعيلات مبسمكِ الضوئي  كرحلة الأنجم  هيت لكِ طوداً  سيغفوا فوق حقول القطن  تاركاً رموز قصيدة مختمرة  حتى يستفيق  قديم انا  مثل غبار يغطي سطح كتب الشعوذة  ساذج الرد  كصخرة جليدية  تهمل العوالق قضيتي...